رواية خطايا بريئة(الفصل الخامس والثلاثين إلى السابع والثلاثين) بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

الخامس والثلاثون
يغيبون عن اعيننا ولا يعلمون بمدى الالم الذي نتجرعه بغيابهم والادهى والامر حين يعودون يعودون ببرود وكأن غيابهم كان بارد.
هتجبرني يا خالي
حانت منه بسمة خبيثة لأبعد حد وتهكم قائلا
الچواز سترة يا بتي...وبعدين كل طلباتك مچابة هعملك فرح يتحاكا بيه أهل البلد لسنين جدام وهچبلك دهب يوزنك 

ده غير أن هجهزلك الچناح الغربي كلاته على ذوجك
نفت برأسها وقالت برفض قاطع وهي تهب من مقعدها
لأ مينفعش يا خالي مينفعش ارجوك متضغطش عليا علشان مستحيل يحصل
زفر عبد الرحيم بغيظ من رفضها ونهض يتقدم منها قابض على ذراعها بقوة آلمتها مهسهس بنبرة تقطر بالوعيد
مفيش حاچة اسمها مستحيل واللي انا رايده هو اللي هيحصل برضاك أو ڠصب عنيك يا بت خيتي هتچوزي حامدوبالجوة لو حكم الأمر
عايز تجوز مراتي وهي لسة على ذمتي يا حج...
قالها هو بصوت جهوري واثق يكمن خلفه ڠضب حارق يكاد يهلك بنيرانه الأخضر واليابس حين دفع باب المندرة بقوة نفضتهم وجعلت قلبها يهوي بين قدميها.
الغريب...
عدل هو بنبرة غاضبة متهكمة 
ما غريب إلا الشيطان اللي فاكر أنه هيقدر يستغل غيابي لصالحه ويطيح في شره
زاغت نظرات عبد الرحيم من تهكمه وتسأل بغيظ وهو يترك ذراع تلك المتخشبة من شدة صډمتها 
رچعت ليه أنت طلجتها!
اجابه يامن بكل ثقة وبصوت جهوري متملك
رديتها... ونادين دلوقتي مراتي ڠصب عن عين أي حد
حقا تدافع عني الآن وتعلن ملكيتك لي فأين كنت حين اعتصر قلبي قهرا وجف دمعي في غيابك...أين كنت عندما أحرقت الذكريات قلبي وبعثرت رماده...أين كنت وانا بأمس الحاجة اليك يا صاحب الوعود الواهية...
ذلك ما كان يدور برأسها وهي تراه
يقترب بخطوات واثقة نحوها ومع كل خطوة له وجدت ذاتها تتراجع مثلها بعيون جامدة تحجر بها الدمع من شدة صډمتها فكانت تظن انها في حلم من احلامها المعتادة التي تجمعهم سويا ولكن هاهي بكامل وعيها وهو واقع ملموس أمامها يطالعها بنظرات إن لم يكن تخلى عنها كانت سوف تظنها عاشقة ملتاعة يفيض منها الندم...إيظنها ساذجة كسابق عهدها وسوف ترتمي بين يده وتتغاضى عن ما أذاقه لها لا هي لن تنخدع من جديد وستصمد أمامه ذلك ما كانت تنوي فعله ولكن كان لعقلها رأي أخر وقرر الفرار هاربا حين لم يعد يفصلها عنه سوى خطوة واحدة فقد شعرت بغمامة سوداء تخيم على عيناها و دفعتها للاستسلام لرغبة عقلها حين سقطت مغشي عليها بين يديه التي احالت بينها وبين ارتطامها بالأرض وكان آخر شيء وصل لها هو صراخه المتلهف بأسمها.
تململت بفراشه بكسل وهي تشعر براحة لا مثيل لها ففكرة أن جسده كان يستقر هنا قبلها تجعل السکينة والدفء يدب في قلبها...فقد أفرجت عن فيروز عيناها وحانت منها بسمة حالمة وهي تتطلع لمحيط غرفته التي أصرت أن تبيت بها بإعجاب شديد فكل شيء بها مميز ومفعم بذوق رجولي خشن يشبهه تذكرت صديقتها وتساءلت ترى ما حل بها وتذكرت ايضا تلك الزيارة الغير متوقعة التي فاجأتهم بالأمس لذلك الغائب الذي عاد بعد طول أنتظار مررت يدها بخصلاتها وتمددت على ظهرها تسلط نظراتها على نقطة وهمية في سقف الغرفة وشردت تسترجع ما دار بينهم حينها فعندما فتح محمد باب الشقة تفاجئ به قائلا 
أنت معقول!
تلعثم وهو يقف أمامه منكس الرأس يشعر بالحرج
ممكن اتكلم معاك
هنا انفعلت ميرال مندفعة نحوه بعدائية
اخيرا ظهرت يا استاذ راجع ليه وعايز تتكلم معاه في ايه بعد عملتك السوده!
رفع يامن ناعستيه الثائرة نحوها وعقب بنفاذ صبر
عملتي! مكنتش اسود من عاملت صاحبتك اللي انت محموقلها انا مكنتش عايز ألجأ ليك بس مضطر انا روحت ل نغم وملقتهاش واتصلت بيها قالت انها مسافرة مع باباها يومين بلدهم و قالتلي أنك معاك تسجيل لازم اشوفه روحتلك القصر وعرفت أنك سبتيه وجيت ل محمد هنا علشان يوصلني ليك وكويس إني لقيتك فياريت تهدي علشان نعرف نتفاهم
تدخلت شهد بإندفاع كعادتها
مع انك ندل ولسة من شوية كنت بقول أنك متستهلش البت بس من حقك تعرف الحقيقة علشان ټضرب نفسك ألف جزمة انك سبتها
جز يامن على نواجذه وسيطر على أعصابه كي يتغاضى عن اهانتها له في حين لاحق محمد الوضع ناهرا إياهم بصرامة
شهد لمي لسانك وكفاية أنت وهي خلاص اللي حصل حصل والراجل رجع و هيصلح كل حاجة بلاش تتحملو عليه 
اعترضت ميرال بحدة وهي تنظر للأخر شذرا
انت بتدافعله بعد كل اللي عمله
نظر لها نظرة صارمة اخرستها حين هدر بأسمها
ميرال قولت اهدي
زفرت هي وحاولت التحكم بأعصابها...بينما هو وجه نظراته ل يامن واستأنف وهو يجذب ميرال برفق خلف ظهره كي يفسح له المجال 
تعالى ادخل خلينا نتكلم
تقدم هو مطرق الرأس يرغب في أن تنشق الأرض وتبتلعه بين
جوفها من ذلك الموقف السخيف الذي وضع ذاته به...ولكن هو قد اقسم منذ أن شهد على اڼهيارها ذلك اليوم وقت المغيب أن يسعى لحقيقة الأمر بذاته فبعد رؤيته لها واستماعه لكل كلمة تفوهت بها كانت بمثابة اعصار
قوي أخذ معه غضبه وثورته وانتقامه وتلك الغشاوة التي كانت تخيم على بصيرته وابقى له ذلك القلب الذي مازال ينبض بعشقها تائه ضائع بلا مأوى يفتقد نعيم ظلالها.
اتفضل...
قالها محمد وهو يؤشر له على أحد المقاعد ويجلس مواجه له لتهدر ميرال وهي تنظر له بغيظ
اسأل وانا هجاوب
ليتلعثم هو مصرح عن واحد من تلك التساؤلات العدة التي لطالما طمح في معرفة اجابتها
هي كانت على علاقة بالكلب ده فعلا ولا هو اللي كان بيفرض نفسه عليها
ابتلعت ميرال غصة بحلقها وتبادلت النظرات مع محمد ولم تجب...لتحين منه بسمة مټألمة تنم عن خذلان عظيم ويستأنف متسائلا بسخرية مريرة ودواخله تنتفض خوفا من ردها
طب هي كانت فعلا بتحبه و بتمثل عليا
تنهدت ميرال بعمق واخبرته بصدق
هي عمرها ما حبت غيرك
تهكم ببسمة ممزقة بائسة
وعلشان كده خانتني صح
دافعت هي
هي عمرها ما خانتك طارق اللي كان بيفرض نفسه عليها وصدقني حاولت تبعده عنها بس معرفتش هي كانت غلطانة بس عمرها ما خانتك وكانت ھتموت وتحافظ عليك هي فعلا مظلومة أنا هحكيلك بالتفصيل كل حاجة حصلت وهوريك فيديو ليها هيأكدلك كلامي.
وبالفعل قصت ميرال إليه كل شيء ذاكرة أدق التفاصيل واخبرته أن نادين ندمت اشد الندم و كانت تنوي أن تخبره وتترك الخيار له...وجعلته ايضا يشاهد ذلك المقطع الخاص بالجراچ التي حصلت عليه واحتفظت به من أجل إثبات براءة صديقتها حتى أنها اخبرته ان تلك الصورة التي استعرض بها طارق امامه اتخذت عنوة ونادين بذاتها اخبرتها بذلك واخبرتها ايضا انها قامت بصفعه يومها وتهديده كي يبتعد عنها ولكن الأخر لم يستجب وكاد المكائد لها حتى انه كان ينوي استغلال ضعفها واستغلال ما فعلته نادين بها كي تقوم هي بڤضحها...اخبرته الكثير والكثير ولم تترك شيء إلا وذكرته حتى اڼهيارها بغيابه وذبولها 
حين اضافت ميرال
هي اتعذبت بما فيه الكفاية وانت كنت اناني اوي بقرارك
اغمض عينه بقوة وهو يلعن ذاته ربما للمرة الألف بعد المائة ثم همس بقلة حيلة وبنبرة ممزقة تضاهي نياط قلبه
مش لوحدها اللي اتعذبت صاحبتك صعبتها عليا اللي عملته مفيش راجل في الدنيا يعرف يتقبله ولا يتعايش معاه حتى لو كان روحه وقلبه في اللي بيحبها
لتعقب شهد مؤنبة اياه
حتى لو معاك حق بس كان لازم تسمع أسبابها قبل ما تفكر في عقابها
طالعها بنظرات غائمة ضائعة وكأنه فاق للتو من غفلة عقله ثم همس بذات النبرة المټألمة التي تفيض بالندم
أنا فعلا كنت اناني بس صدقيني أنا كنت بټعذب اكتر منها
تدخل محمد بعقلانيته المعهودة
أنا عذرك وفاهم انت حاسس بأيه بس أنت برضو غلطان كان لازم تسمع منها في وقتها ومتتسرعش وتطلقها
تناول نفس عميق نابع من شتات قلبه ثم زفره على دفعات و غمغم بنبرة مخټنق وعيناه يتغرغر بها الدمع
كنت غبي و فاكر إني بنتقم لكرامتي وإني هعرف اتخطاها واخرجها من جوايا ليكوب رأسه بكفوف يده بإنهزام تام ويقول بإنهاك وبقلب منفطر يتداعى بين احشائه من دونها
بس مقدرتش وبدل ما انتقم منها كنت بنتقم من نفسي
هيئته النادمة جعلت شهد تتراجع عن هجومها وبشكل ما وجدت ذاتها تتعاطف معه وخاصة عندما لاحظت دمعاته التي يحاول أن يخفيها عن اعينهم لذلك عقبت بعيون دامعة متأثرة 
يا عيني عليكم والنعمة انتو الاتنين حالكم يصعب وكل واحد فيكم خد كفايته...
ميرال ايضا استشفت صدق ندمه ورغم حنقها السابق منه إلا أنها هدرت تؤازره
المهم دلوقتي تروح تجبها من هناك
رفع رأسه ببطء ومرر يده على وجهه يزيح تلك الدمعات التي فاضت منه دون ارادة من شدة ندمه وتسأل بريبة شديدة
هناك فين
وضح محمد 
عند خالها بعد ما انت بعتلها ورقتها خالها خدها معاه البلد
تجهمت معالمه ونفرت عروقه وهو لا يصدق في حين تسألت ميرال
هي مامتك مقلتلكش لما رجعت البيت
نفى برأسه بحركة هستيرية وأجابها بأنفاس متعالية وهو يهب يدور حول نفسه شاعرا بالډماء تتدفق وتغلي برأسه من شدة عصبيته
أنا مروحتش البيت... وأمي زعلانة مني بسببها...وكنت عايز الاقي إجابات للأسئلة اللي في دماغي قبل ما اواجهها
نهضت ميرال وحفزته
أنت لازم تروح تجيبها اللي اعرفه أن خالها ده مش سهل ابدا وكان في مشاكل بينه وبين باباها على ورث مامتها
هز رأسه يؤيد حديثها وقال باستماتة لا مثيل لها
محدش عارف نوايا خالها زي ويا ويله مني لو فكر يأذيها وعلشان كده مش عايزك تقوللها إني جيتلك انا مضمنش رد فعلها ولا عايز خالها يعمل احتياطه انا هروحلها وهرجعها بس لازم اعمل مشوار صغير اصلح بيه
كل حاجة.
عادت ميرال من ذكريات أمس و تنهدت بعمق داعية لهم بسرها أن يجمع بينهم ثم نهضت كي تتوضأ وتؤدي فردها كما اعتادت مؤخرا وهي تنوي بعدها أن تقضي اليوم بأكمله معه قبل عودتها لقصر أبيها فحقا اشتاقت لأحاديثه ومشاكسته كثيرا وتود أن تنعم بقربه أطول وقت ممكن قبل عودتها فهي لا تضمن رد فعل ابيها ولا تعلم ما ينتظرها هناك. 
لع ملوش لزوم تچيب حكيم هي هتبجى
زينة هملها وانا هفوجها 
قالتها قمر وهي ترى لهفته الصادقة وخوفه عليها بعدما حملها وصعد بها للغرفة التي تمكث بها...فقد وضعها على الفراش برفق وظل يهمس راجيا وهو يكوب وجهها تارة وتارة أخرى يملس على شعرها
نادين ردي عليا...نادين فتحي عيونك علشان خاطري..
زمجر عبد الرحيم غاضبا من تودده لها
سكر خشمك ده واتحشم و جوم من مطرحك وهم معايا لازمنا نتحدت ليوجه نظراته ل قمر ويستأنف بغطرسة أمرا اياها
وانت يا غراب البين غوري چيبيلها كولونيا
هزت قمر رأسها بطاعة وطمئنت يامن بخفوت ما أن ولاهم عبد الرحيم ظهره وفي طريقه لمغادرة الغرفة
بركة أنك رچعت...متجلجش هتبجى كويسة وانا هبجى وياها
تعلقت عين يامن بها وكأنه يتوسلها بها كي تستعيد
تم نسخ الرابط