رواية خطايا بريئة(الفصل الثاني والثلاثين إلى الرابع والثلاثين) بقلم ميرا كريم
اصحاب وبذمتك عمرك شوفت واحد بيقول لصاحبه حضرتك بتاعتكم دي
قال كلمة حضرتك بملامح متقلصة مشمئزة جعلت الصغير يتعالى صوت ضحكاته أكثر بمرح غريب شاركه نضال به وهو يشعر بقلبه يرفرف بشعور لطالما تمناه من قلبه ولكن الله لم يمن عليه به...
اقتربت المربية منهم قاطعة ضحكاتهم قائلة
مامتك راحت toilettes مع شيري وقالتلي اخلي بالي منك
كان نفسي تشوف الجول بتاعي
واساه نضال مشجعا وهو يربت على كتفه
معلش مامتك كانت مضطرة تتعوض يا بطل ولسة المباريات جاية كتير وإن شاء الله هتجيب اجوال اكتر واكتر
تنهد الصغير ببسمة مليئة بلأيجابية التي بثها به ذلك ال نضال وإن كاد يرد رد ممتن له لتشجيعه استأنف نضالبمكر ساخر
طب تعالى افرجكك على نفسك
اجابه نضال وهو يقرص وجنتة الصغير مداعبا
صورت مقطع فيديو للجول انما ايه عجب
تفاجئ الصغير وتسأل متلهفا
بجد صورتني... يعني ماما لما تيجي ينفع افرجها عليه
تحمحم نضال وقال وهو يمسد منحدر انفه بتردد
لا يعم متفقناش على كده بصراحة انت مامتك صعب اوي
ومش عايز احتك بيها انا حتى همشي قبل ما....لم يكمل باقي حديثه إلا وجاء صياحها من بعيد
اغمض عينه يلعن حظه العسر ويلعن غباءه الذي يضعه بذات الموقف معها في كل مرة وبالطبع لم تقصر هي في ردود افعالها المتعجرفة وحقا منذ آخر لقاء لهم في مكتبها وهو مستاء بشدة ورغم أن سارة اعتذرت منه عبر الهاتف إلا أنه لم يقبل باستمرار اتفاقهم بشأن تنفيذ عيادته...فأهانتها له والتقليل من شأن اختياره جعله يفقد عزيمته لذلك اعتدل بوقفته وزفر انفاسه دفعة واحدة وهو يصر أنه لن يصمت تلك المرة ايضا ويتركها تخرب إيجابيته فقد هرول الصغير لها وبحماس اخبرها
قاطعت هي وصلة حماسه قائلة بهدوء حاولت الالتزام به
براڤو يا حبيبي معلش سامحني علشان مشوفتهوش...ممكن تغير هدومك عقبال ما اختك والمربية يجيبوا الشنطة علشان نروح
بس يا ماما عمو صورني و...
قاطعته بنبرة رغم ثباتها إلا أنها صدرت منها منفعلة بعض الشيء جعلت ذلك المتسمر بأرضه يدرك انها لن تمرر الأمر لذلك تحفز لها
هز الصغير رأسه وانصاع لها بعدما لوح ل نضال بيده يودعه وبالفعل المربية اخذت شيري وذهبت لإحضار الحقيبة من المدرجات بينما هي كانت تنظر ل نضال بنظرات مبهمة لم يستشف معناها...ورغم ذلك اقترب بملامح ثابتة واخرج من محفظته بطاقة تعريف تؤكد عضويته وقدمها لها مبررا بكل بساطة وكأن ما يفعله هو المنطق بحد ذاته
حقا صراحته الزائدة و وضوحه اربكها وخاصة كونه دائما يمنحها اجابات وافية دون سؤال منها لذلك تنهدت بعمق كي تتحكم بزمام نفسها وقالت بنبرة هادئة استغربها هو
بس انا
مسألتش يا دكتور...
رغم هدوئها الغير معتاد معه ولكنه لم يستطيع كبح رغبته في قول
وانا مش ببرر انا بس بفهمك علشان متنفعليش على الولد زي باباه وتكسري فرحته بالجول بتاعه وهو ملهوش ذنب
تقسم انها حاولت أن تهدأ وتتعامل معه بكل هدوء حتى انها كادت تعتذر منه ولكنه استفزها بشدة تشبيهه لذلك هدرت بشراسة وهي ترفع سبابتها بوجهه
انا مش زي باباه ولوسمحت يا دكتور التزم حدودك مش من حقك تدخل في معاملتي مع ابني
انا عارف حدودي اوي يا بشمهندسة ومش كل ما تشوفيني هتسمعيني كلام ملوش لازمة
وبعدين انتو ناس تفكيرها غريب جدا أيه المشكلة أني اتكلم مع الولد أنا مش هاكل منه حتة ولا هخطفه مثلا...
اجابته بتسرع وبنبرة منفعلة غافلة بتأثير كلماتها في نفسه
لو كنت في مكاني كنت هتخاف على ولادك بطريقتك ومحدش كان هيبقى ليه حق يتدخل
تجمدت خضراويتاه واحتلها الحزن تقاسيم وجهه لثوان جعلتها تبتلع ريقها تستغرب ما أصابه ليجيبها هو برضا تام وبنبرة استطاعت هي استنباط الحزن بها
انا عمري ما هبقى مكانك يا بشمهندسة و مقدر خۏفك بس ده ميدكيش الحق ټجرحي فالناس عمال على بطال عن اذنك...ومن غير حضرتك
زفرت انفاسها بضيق لذات السبب فكلما ارادت التحكم بأعصابها تفشل فشل ذريع وخاصة عندما يتعلق الأمر به لذلك ورغم كونها لم تستوعب ما الخطأ التي تفوهت به تلك المرة واحزنه لذلك الحد إلا انها قررت أن تلاحق الأمر وتعتذر منه على كل ما سبق لذلك حين خطى هو خطوتان بعيد عن موقعها تلعثمت قائلة
استنى ارجوك يا دكتور
اغمض عينه بقوة وكور قبضته وهو يترقب انها ستقول شيء أخر يزيدها عليه ولكنها فاجأته حين تلعثمت واقتربت من موضعه
آسفة...
جعد حاجبيه ونظر لهيئتها المحرجة مستغربا في حين هي استأنفت
انا بعترف كنت قليلة الذوق معاك في المكتب وقبليها بس انا كنت مضغوطة وأعصابي متوترة و ...
خاڼها التعبير وفرت الكلمات ولم يسعفها عقلها بأستئناف اعتذارها فكانت تفرك بيدها وتنظر لكل شيء عداه هو...لذلك دون حاجته لمبرراتها قال بجدية بعدما استعاد هدوء أعصابه
ولا يهمك يابشمهندسة...بس زي ما انت عايزة الناس تعذرك لازم انت كمان تفهمي ان مش كل الناس مضطرة تتحمل طريقتك وقلة ذوقك ومش معنى انك مريتي بتجربة صعبة يبقى تاخدي وضع الھجوم دايما و تدي نفسك الحق ټجرحي في كل اللي حوليك وتفتكري انهم مجبرين يعذروك وعلى فكرة كلنا بنمر بتجارب صعبة مش انت بسعن اذنك
ألقى حديثه دفعة واحدة بوجهها وغادر من أمامها تاركها مشدوهة تتطلع لأثاره وهي ټلعن غبائها فقد استطاع ذلك ال نضال أثارت دهشتها بصراحته فرغم حديثه المراوغ في بعض الأحيان ودعاباته التي لا تنضب وتثير اعصابه إلا أنه كان الأن حديثه عقلاني و صائب
بشكل كبير جعلها تشعر بالخزي من نفسها.
صباح يوم جديد دون شيء يذكر سوى ذلك الشيء الذي اكتشفته واصرت التكتم عليه لغرض ما في نفسها.
وهاهي تجلس مع خالها و يمهد لها بعدما انفرد بها في ساحة المندرة التي تنفصل عن المنزل ويحيل بينهم باب خشبي ضخم.
فكانت تستمع له بملامح ثابتة حين استأنف
محدش هيخاف عليك ولا على مصلحتك جدي يا جلب خالك وعشان إكده معوزكيش تنضامي من بعدي وعاوز اكون مطمن عليك
ابتلعت هي ريقها وتسألت تدعي جهلها وعدم معرفتها المسبقة للأمر
تطمن عليا أزاي يا خالي
اجابها بود يكمن خلفه نوايا عدة
جصدي يا بتي حالك ومالك مين بيرعاه دلوجت المال السايب يعلم السرجة يا جلب خالك ويلزمك راچل يكون جلبه عليك
ويراعيك ويحطك فوج راسه
مش فاهمة يا خالي
بصراحة يا بتي عاوزك تتچوزي واهي عدتك خلاص كام يوم وتنجضي على خير
اعترضت هي بنبرة واثقة
مينفعش يا خالي افكر حتى في الجواز
جز عبد الرحيم على نواجذه وتسأل من بين أسنانه
ليه عاد يا بتي ده حامد راچل زين وهيحطك جوه حباب عنيه
حامد متجوز يا خالي وبيحب مراته
وفيها إيه عاد الشرع محلل اربعة
دافعت هي
قمر بتحبه وبكرة ربنا يكرمهم بلاش تخرب عليهم يا خالي وياريت تقفل الموضوع ده معايا نهائي علشان لا يمكن اوافق
زمجر عبد الرحيم من جديد وقال ببسمة صفراء يكمن خلفها غيظ عظيم
بس أني المسؤول عنك وشايف ده الصالح ومينفعش تعصيلي امر يا بت غالية
هتجبرني يا خالي
حانت منه بسمة خبيثة لأبعد حد وتهكم قائلا
الچواز سترة يا بتي...وبعدين كل طلباتك مچابة هعملك فرح يتحاكا بيه أهل البلد لسنين جدام وهچبلك دهب يوزنك
ده غير أن هجهزلك الچناح الغربي كلاته على ذوجك
نفت برأسها وقالت برفض قاطع وهي تهب من مقعدها
لأ مينفعش يا خالي مينفعش ارجوك متضغطش عليا علشان مستحيل يحصل
زفر عبد الرحيم بغيظ من رفضها ونهض يتقدم منها قابض على ذراعها بقوة آلمتها مهسهس بنبرة تقطر بالوعيد
مفيش حاچة اسمها مستحيل واللي انا رايده هو اللي هيحصل برضاك أو ڠصب عنيك يا بت خيتي هتچوزي حامدوبالجوة لو حكم الأمر
عايز تجوز مراتي وهي لسة على ذمتي يا حج...
قالها هو
بصوت جهوري واثق يكمن خلفه ڠضب حارق يكاد يهلك بنيرانه الأخضر واليابس حين دفع باب المندرة بقوة نفضتهم وجعلت قلبها يهوي بين قدميها وهي تراه يقف امامها بكامل هيبته وتحاوطه تلك الهالة الطاغية التي دوما يشملها بها بينما عن عبد الرحيم فقد جمدت الډماء بجسده وكادت عينه تخرج من محجرها و تلعثم بحروف متقطعة تنم عن صډمته
الغريب...