رواية خطايا بريئة(الفصل الثالث والعشرين إلى الخامس والعشرين) بقلم ميرا كريم
المحتويات
الثالث والعشرون
ليس كل شيء في القلب يقال لذلك خلق الله التنهيدة الدموع النوم الطويل الإبتسامة الباردة ورجف اليدين.
نزار قباني
هو ده أخر المعروف يا هانم أنت واخوك
قالتها دعاء بنزق بعدما استقبلتها شهد وادخلتها تجلس بردهة منزلها.
عقدت شهد حاجبيها وردت مستفهمة
قصدك إيه يا دعاء تعالي دوغري أنا لا بحب اللف ولا الدوران
أنت عارفة أنا بتكلم عن ايه...
تنهدت شهد وضړبت على قدميها قائلة بنفاذ صبر
اللهم ما طولك يا روح ما تخلصي يا دعاء وتقوليلي سر الزيارة الغريبة وايه الكلام المهم اللي عايزة تقوليه
أجابتها دعاء بنظرة تحمل خبث مقيت
أخوك لافف على بنت جوزي و فاكرها هبلة وهيعرف يضحك عليها وياخد فلوسها بس انا عمري ما هسمحله بده
نعم قرشين أيه اللي اخويا طمعان فيهم ....حد الله يا حبيبتي بينا وبين فلوسكم
قلبت دعاء عيناها وتأففت قائلة
أففف أيه الحركات البلدي دي يا شهد هو انت مش هتتغيري ابدا
وايه اللي يغيرني إن شاء الله هو في حد بيتبرى من أصله وبعدين يا تتكلمي كلام عدل يا متتكلميش
قلبت دعاء عيناها من تلميحاتها التي تتفهم المغزى منها وردت بمسايرة
احتدت نبرة شهد وهي تجيبها
اخويا مش خسيس ومش كل الناس بتحسبها زيك يا دعاء
ضحكة صاخبة مستفزة صدرت من دعاء وتلاها قولها بنبرة هازئة
زي... مهما كانت حساباته نجوم السما اقربله منها..
قسم بالله لو ما لمېتي لسانك لكون شداه من بؤك ولفاك بيه...انا اخويا راجل بيفهم في الأصول ومش بتاع مؤامرات ولا الكلام الفارغ ده...وبعدين صوابعك مش شبه بعض ومش علشان انت كده يبقى كل الناس بتفكر زيك
أنا مش هنزل لمستواك وارد عليك أنا بس جاية اقولك خلي اخوك يبعد عنها احسن له
انت بټهدديني يا دعاء وبعدين أنت بتتكلمي بأي صفة أنت ملكيش سلطة عليها
ابوها مش بيكسرلي كلمة وزي الخاتم في صباعي واكيد رأيه مش هيختلف عن رأي وعلشان أنا جدعة وبحكم المعرفة القديمة اللي بينا مجبتلوش سيرة وجيت علشان اخليك تعقلي اخوك وتخليه يعرف أن نجوم السما اقرب من اللي بيخطط ليه.
ضړبت شهدكف على أخر من تسلطها المقيت و وتهميشها لشخص زوجها وهدرت بوجهها بنبرة مندفعة مفعمة بالكبرياء افحمت الآخرى
لتربع يدها وتقول بتهكم تقصدته كي ترد لها ما بدر منها في حق شقيقها
وانا برضو علشان جدعة هعمل نفسي مسمعتش حاجة منك ولا شوفتك من الاساس ده انا حتى مش هطردك من بيتي زي ما طردتي اخويا وهسيبك تمشي من نفسك
قالت آخر جملة وهي تتوجه لباب شقتها وتفتحه على مصراعيه كدعوة صريحة لها أن تغادر مما جعل دماء الآخرى تفور من شدة غيظها وتخطوا نحوها وهي تضم ذلك الفراء الثمين على جسدها و ترشقها بنظرات متعالية قائلة من طرف انفها بنبرة تحمل تحذير مقيت
كنت فاكرك هتبقي عاقلة وهتقدري الموقف بس يا خسارة طلعتي غبية ومحدش هيدفع التمن غير اخوك
لوت شهد فمها وقالت بإندفاع وبنفاذ صبر دون أن تعطي تحذيرها أي اهمية
والنبي يا دعاء الواحد عنده مرارة واحدة ومش حمل نفشة ريشك دي الله يسترك طريقك اخضر وخلصينا
جزت دعاء أضراسها بقوة من استخفافها بها وعجرفتها معها وغادرت بخطوات واسعة يتأكلها الڠضب بينما هي اغلقت الباب بعدها وجلست على اقرب مقعد
تشعر بالقلق يزحف لقلبها ولكنها طمأنت ذاتها أن ما فعلته هو الصواب فما تطلبه تلك الصفراء منها يعد مستحيل بالنسبة لها فكيف ستفعلهاوهي ذاتها من أثرت عليه كي بحبه وزرعت به الأمل للآتي بالطبع لن تخبره وستتركه ينعم بقرب مالكة قلبه فلديها يقين تام ان الله سيتكفل بكل شيء.
بعد مرور عدة أيام مروا بسلام على تلك التي تتطلع لذاتها بالمرآة وهي تبتسم بسمة راضية لهيئتها فقد وعدها اليوم أنه سيصطحبها لتناول الغداء ليروح عنها عناء المذاكرة ويجعلها تعود بطاقة جديدة لها فلم يعد إلا أيام قليلة تفصلها عنها وحقا هي كانت بأمس الحاجة لتخفيف شدة أعصابها ولذلك تحضرت بحماس شديد وانتقت أحد الفساتين
التي احضرها لها على ذوقه
الخاص عوضا عن التي مزقها سابقا وتستعد بأبهى صورها.
فقد مررت يدها بين خصلاتها التي أصبحت تقوم بتمليسها في الآونة الأخيرة وتخلت عن تجعيدها وعن تلك الهيئة المتمردة التي كانت تتعمد أن تظهر بها سحبت قلم الحمرة و وضعت القليل منه على شفاهها تزامنا مع طرقه لباب غرفتها رجفة لذيذة سرت بجسدها عندما هرولت تفتح له الباب ورأت نظراته المتمعنة لها وقبل أن تتفوه بكلمة واحدة قال هو بنبرة عابثة وبنظرة اعجاب واضحة
يخربيت جمالك ...هو في جمدان كده
حانت منها تلك البسمة المهلكة التي لطالما أوقعته بها ليعقب بعدها بخفة وببسمة بشوشة واسعة
كمان بتضحكي... شكلي داخل على أيام سودة ليرفع نظراته لأعلى ويستأنف راجيا وهو يرفع يده
يارب أنا على أخري عدي الكام يوم دول على خير من غير ما اتهور
نكزته بكتفه وهمست بوجه يشتعل من شدة الخجل
بطل يا يامن ويلا بينا أنا خلاص جهزت
هبطل يا مغلباني بس مش قبل ما تديني تصبيرة على الماشي
وقبل أن تعترض كان ..
على فكرة انت رخم
اجابها بغمزة متسلية من عينه
بس بټموتي فيا مش كده
ابتسمت وأيدته بحركة من رأسها بينما هو قال بنبرة رغم عبثيتها إلا أنها كانت تقطر بغيرته
أخر مرة تحطي منه وأنت خارجة أصله ملفت وانا مش بحب كده...ممكن تحطهولي في البيت بس وساعتها أنها هتكفل بالباقي
قال آخر جملة بنظرة ذات مغزى جعلها تود ان تنشق الأرض وتبتلعها فقد أصبح في الآونة الأخيرة أكثر جرأة من قبل وحقا الأمر يخجلها بشدة لذلك قررت أن تفر وهي تتناول الثقيل و تسحب حقيبتها تخرج منها عدة محارم تمسح بها بقايا حمرتها هادرة وهي تتخطاه
طيب انا هستناك في العربية علشان انت مبقتش مضمون وانا بصراحة ابتديت اغير رأي عنك وانسى انك كنت مؤدب
قالتها وهي تهرول بعيدا عنه بطريقة جعلته ينفجر ضاحكا بكامل صوته الرجولي قبل أن يلحق بها
صعدت للسيارة وانتظرته بضع ثوان قبل أن يخرج وتابعته بعيناها يفتح بوابة المنزل الرئيسية ويعود يصعد بجانبها لتتسأل هي
هو عم مسعد فين وليه سايب البوابة
اجابها وهو يشعل مقود السيارة
تعب وقولتله يسافر بلدهم يريح يومين
أومأت له ببسمة هادئة وقبل أن تتفوه بشيء كان كف يدها كعادته ويباشر بالقيادة ولكن ما أن تحرك بالسيارة وانحنى بها لأخر سور المنزل ينوي أن يسلك الطريق تذكر انه قد ترك هاتفه موصول بالشاحن داخل المنزل ليمط فمه بإستياء ويتوقف بالسيارة قائلا
حبيبتي نسيت موبايلي ثوان هرجع اجيبه
تنهدت هي وشاكسته
عقلك مبقاش فيك خالص الأيام دي
شاكسها ايضا وهو يقرص وجنتها بتسلية
ما البركة فيك يا مغلباني ثوان مش هتأخر حتى هدخل من الباب الوراني وكويس ان معايا مفتاح الطبلة الجديدة
أومأت له ببسمة متسلية وهمهمت وهي ترفع سبابتها تحذره بخفة
لو اتأخرت هرجع في كلامي انا اصلا بتلكك
قهقه هو ووعدها انه لن يتأخر وبالفعل تدلى من السيارة وفات للمنزل عبر ذلك الباب الخلفي.
اخرجت هي مرآة من حقيبتها واخذت تعدل من خصلاتها ولكن فتح بابه لترفع نظراتها المبتسمة وهي تنوي أن تشاكسه من جديد ولكن حينها هوى قلبها بين قدميها واندثرت بسمتها وحل محلها خوف عظيم حين رأته يقف أمامها لتهمس اسمه بجزع
طارق
اعتلى جانب فمه ساخرا من ذلك الخۏف المنطوق بعيناها وباغتها قائلا وهو يصعد بالمقعد الذي يجاورها
اه طارق اللي نسيتيه ولا على بالك
برقت عيناها وترجته بأعصاب تالفة
طارق مش وقت كلام انزل يامن جاي وممكن يشوفك
نفى برأسه واخبرها وعينه تقدح بالخبث
خاېفة منه للدرجة دي...ولا خاېفة عليا
حاولت أن تحجج وتسايره قائلة بنبرة مرتعشة وانفاس ناهجة مش شدة توترها
انامش عايزة مشاكل الله يخليك كفاية اللي حصل يوم Nightclub...انت متعرفش حصلي ايه انا كنت محپوسة و...
قاطعها هو مزمجرا وهو يضرب المقود بيده بقوة أجفلتها
كدااااااابة انا بنفسي بشوفك بتخرجي معاه أنا مش نايم على وداني وكل صغيرة وكبيرة بيكون عندي علم بيها وشوفت بعيني اللي حصل بينكم
قال أخر جملة بنبرة غاضبة تقطر بغيرته وعينه الچحيم يشتعل بها فمنذ ذلك اليوم وهو يكاد يجن ويحاول ايجاد أي تفسير للأمر غير الذي استنتجه عقله ودبر مكائده على أثره ولكن بلا جدوى لذلك كان يمني نفسه كي تخبره هي ويكون لديها تفسير منطقي يقنعه فكان متأهب لردها ولكن هي شل لسانها لدقائق بعدما زحف الړعب إلى قلبها وتفهمت ماذا يقصد لتبتلع ريقها بحلق جاف تحاول أن تتماسك وتستعين بدهائها كي تفض ذلك الموقف اللعېن قبل أن يحصل ما تخشى عقباه
أنا...كنت بسايره مش أكتر...ابوس ايدك أنزل دلوقتي وهنتكلم بعدين ...في حاجات كتير اتغيرت وأنت معندكش علم بيها صدقني لما هتعرفها هتفهمني وتقدر موقفي
تركزت سودويتاه بها يحاول أن يستشف صدقها ولكن صعب الأمر عليه لذلك هدر بنبرة قوية منفعلة ارعبتها
ايه اللي اتغير يا نادوعايز أعرف دلوقتي ...
ابتلعت غصة بحلقها وزاغت نظراتها فإن اخبرته الآن لا تضمن ردود فعله لذلك حاولت مسايرته
هنتكلم وهفهمك كل حاجة
بس مش دلوقتي ارجوك يا طارق...ارجوك انزل قبل ما يامن
يرجع
كانت تتوسله بصدق وبعيون غائمة تكاد تقطر بالدمع مما جعله ينصاع لها ولكن بعد أن قبض على مؤخرة رأسها بقوة واصطحب مع قبضته بعض من خصلاتها و قال بفحيح أمام نظراتها المشدوهة من شدة خۏفها
همشي وهنتحاسب بعدين بس أوعي تفتكري أنك هتعرفي تخلصي مني مش طارق المسيري اللي يضحك عليه بالبساطة دي واعملي حسابك مش هتكون غير ليا ولو على چثتي أنا مش هتنازل وهعمل المستحيل في سبيل انك تكوني بتاعتي لوحدي وملكية خاصة ليا وبس... فااااااااهمة ولا لأ
قال أخر جملة وبطريقة قاسېة جعلت الأنات المټألمة تصدر من فمها ولكنها كبتتها بكف يدها حين رأت الچحيم يستعر بعينه حين كرر پغضب كاسح
فااااااهمة ولا لأ انطقي
ما كان منها غير أن تهز رأسها من شدة رعبها وتخوفا من تبعات غضبه
ليعتلي جانب فمه و يحل قبضته التي كادت تنزع خصلاتها من منبتها ويقول وهو يربت على وجنتها بنبرة تشف كونه ليس سوي بالمرة
برافو عليك يا نادو أنا عارف
متابعة القراءة