رواية خطايا بريئة(الفصل الثالث والعشرين إلى الخامس والعشرين) بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

أنك ذكية وعلشان كده بحبك 
ذلك أخر ما تفوه به قبل أن يتدلى من السيارة ويبتعد تاركها قاب قوسين او ادنى أن يغشى عليها من شدة رعبها فكانت حالتها يرثى لها تحاول ان تلملم شتاتها ولكن وجدت ذاتها تجهش في بكاء مرير تكبت شهقاته بكف يدها لا تصدق ما حدث للتو ولم تتخيل حدوثه حتى في أفظع كوابيسها ...وبعد ثوان معدودة
لمحته يأتي من بعيد لتلملم شتاتها وتجفف دمعاتها بسرعة متناهية كي لا تشعره بشيء ولكنه من الوهلة الأولى حين جاورها سألها مترقبا
مالك يا حبيبتي انت كويسة
اه.... يا حبيبي مفيش حاجة
ليجعد حاجبيه ويتسأل بقلق 
نادين وشك اصفر و
حتى أيدك مالك اتكلمي علشان خاطري
أومأت له بمعنى أن كل شيء على ما يرام وهمست ببسمة باهتة لم تصل لعيناها و وتتناول الثقيل تدثر به نفسها
مفيش يا حبيبي بس بردت شوية
طب تحبي نرجع البيت
لأ أنا كويسة ودلوقتي هدفى لما تشغل التكييف ونمشي بالعربية
لا يعلم لم شعر بشيء مريب بها ولكنه كڈب حدثه وشرع من جديد بقيادة السيارة بينما هي بادرت وكأنها تريد أن تستمد منه القوة فهي تشعر أنها أصبحت على حافة الهاوية ولابد أن تتشبث بتلك الأرض التي يخبرها دائما انه نقطة ثابتة بها.
كان يدور حول نفسه وهو يحادث أحد موظفيه الذي يعتمد عليهم وقد وكله بأدارة كل شيء في غيابه فقد ثارت ثائرته عندما علم أن العمال في أحد المواقع التي تقوم شركته بتنفيذها لصالح اكبر ممول بالبلد يعرضون عن العمل بسبب تأخير أجورهم مما جعله يكاد يجن فكيف سيأتي بالمال ليوفي إلتزامات العمل وهو صفر اليدين بفضلها
حضرتك لازم تتصرف الوقت بيمر ومعاد تسليم الوحدة التانية من المشروع قرب والعمال رافضين يشتغلوا
قالها حسام مدير شركته التنفيذي بعملية شديدة ليرد عليه حسن بأعصاب تالفة وهو يمرر يده بخصلاته الفحمية يكاد ينزعهم من فرط عصبيته
مش عارف أعمل ايه وايه المصاېب اللي نازله على دماغي دي أنا حاسس أن في لعڼة صابتني ومش عارف أتصرف.
وعلى ذكر اللعڼة اقټحمت هي مكتبه دون أي لباقة و هي تتمخطر بخطواتها بكعب حذائها الرنان وذلك الثوب الذي يمثل حرفيا جلد ثان لها فكان حضورها طاغي وجعل الصمت يحل على المكان ولم يصدر من أي منهم ردة فعل غير النظرات فأحدهم احتل الڠضب عينه وفارت دمائه بينما الآخر لمعت عينه بنظرة أعجاب واضحة جعلتها تبتسم بسمة متخابثة مغترة بذاتها.
ايه اللي جابك يا منار وبعدين حد يدخل كده مش تخبطي الأول
تتأبط ذراعه أمام نظرات الآخر قائلة بنبرة مدللة للغاية دون أي تحفظ
وحشتني يا سونة وجيت علشان ابقى جنبك وأرجع الشغل تاني
كور قبضة كي ينفث عن غضبه وهدر متسائلا
جنبي فين احنا مش اتفقنا مفيش شغل
مطت فمها وقالت بإعتراض
أنا مقولتش إني موافقة
لتوجه نظراتها المتخابثة ل حسام وتستأنف وهي تمط فمها
يرضيك يا حسام ابقى مراته ومساندوش في شغله
تحمحم حسام بحرج وطرق نظراته بالأرض بعدما استشف أنها تعمدت أن تخبره
والله يا فندم دي حاجة تخصكم مليش دخل بيها
ضحكة صاخبة صدرت منها وتلاها قولها بنبرة مصطنعة دون أي تحفظ 
أنت اتحرجت ليه كده و وشك جاب ألوان 
لم يعجبه بتاتا ما يدور لذلك هدر بنبرة آمرة وهو بالكاد يتحكم بأعصابه
حسام اتفضل دلوقتي على مكتبك وهنكمل كلامنا بعدين
أومأ له حسام بطاعة وغادر بعدما رشقها بنظرة غامضة جعلتها تبتسم بسمة مغترة بذاتها وفي الفور أغلق هو باب مكتبه وتقدم منها بخطوات غاضبة هادرا بوجهها وهو يقبض على ذراعيها يؤرجحها بين يده
أنت اټجننتي مش كده أيه القرف اللي أنت لبساه ده وايه الفرح اللي في وشك ده وازاي تخرجي من البيت من غير ما تقوليلي وتسمحي نفسك توجهي الكلام لراجل غيري وتضحكي بالشكل ده من غير ما تعملي اعتبار ليا ولا لشكلي
قدامه
نظرت له شذرا ثم بكل ثقة دون ذرة خضوع واحدة نفضت يده وهدرت بأعتراض
قولتلك ألف مرة أن
مش مجبرة اعمل كده ولا اغير من نفسي أنت اتجوزتني وانت عارف أن دي طريقتي وده لبسي اللي كنت بتتجنن عليه قبل كده وبتنزل بنفسك تشترهولي
لتربع يدها ويعتلي حاجبيها قائلة بنبرة واثقة قوية
وبعدين انا مش عيلة صغيرة علشان أخد الإذن منك وقت ما أحب أخرج...و ماله شكلي أنا أشرف أي راجل انتسب لأسمه ولا أنت مستعر مني ومكنتش عايز حد يعرف بجوازنا
زمجر غاضبا من مجابهتها له كلمة بكلمة ومعاندتها التي لا تكف عنها
هو أنت ايه كل حاجة عندك ليها مبرر أنا مش مستعر من جنابك بس ياريت تحترميني وتحترمي نفسك قبل ما تفكري تعارضيني وتقفي قصادي والمفروض الكلمة اللي أقولها متعارضنيش فيها وتسمعي الكلام وتنفذيه من سكات من غير مبررات ولا حوارات ملهاش داعي
أه انت عايزني ابقى نسخة من الهانم المسهوكة بتاعتك وألغي شخصيتي زيها
أغمض عينه بقوة يحاول أن يكبح لجام غضبه وهدر بنفاذ صبر
قولتلك قبل كده متجبيش سيرتها وياريت تقصري الشړ وتغوري بمنظرك ده من وشي علشان أنا عفاريت الأرض بتتنطط قدامي
لوحت بيدها بكل لا مبالاه وقالت بسخط عظيم
أنا زهقت من طريقتك دي ومش قادرة اتحملها انت بقيت ملل أوي...
استوقفه أخر ما نطقت به وكم شعر بالغباء فكم كان مخطئ هو حين ظن أنه أحبها فقد أثبتت له تلك الأيام التي عاشرها بها أن لايوجد أي توافق بينهم لذلك هدر بنبرة ثابتة كي يضع الأمور في نصابها الصحيح ويتحكم بأسس تلك الحياة التي أدرك كونه تسرع و ورط نفسه بها
قولتلك ده اللي عندي ومن هنا ورايح تترزعي في البيت ولبسك المقرف ده تبطليه وميتلبس تاني
أفففف بجد انت أزاي كده أنا مش مجبرة انفذ كلامك انا متعودتش على الخنقة دي
ڠصب عنك لازم تتعودي
زفرت بضيق من طباعة المتناقضة فما كان بالنسبة امر عادي ويطلق عليه انفتاح وحرية قبل الزواج الآن يعارضها به من اجل شكله الأجتماعي فقط ليس من أجل نخوته كرجل.
تمام بس أنا مش هقعد في البيت وعايزة ارجع الشغل تاني
زمجر بنفاذ صبر وهو يجلس خلف مكتبه و يتناول أحد سجائره ويشعلها
يوووووه اسمعي الكلام ومن غير ما تعارضيني وولو فكرتي تخطي خطوة واحدة برة عتبة الباب من غير ما تقوليلي تاني متلوميش غير نفسك
ضړبت الأرض بكعب حذائها بغيظ شديد وببعض الهمهمات المعترضة غادرت مكتبه تاركته يطفئ سيجارته في المنفضة الكريستالية بفوضوية عارمة ثم بكل غل و قڈفها بالحائط أمامه بكل قوته كي ينفث عن ذلك الڠضب الذي يعتريه لاعنا حظه وكل ما توصل له بفضل غبائه فكان يشعر أن العالم أجمع تأمر عليه في آن واحد فحقا كانت اعصابه تالفة وعقله منهك لدرجة انه يشعر انه يفقد زمام كل شيء في آن واحد فمنذ رفض رهف له وحديثها الشرس معه وهو يشعر بشعور غريب لم يجربه من قبل فيقسم أنه إلى الآن يرفض عقله أن يستوعب كونها مقتته لتلك الدرجة حتى أنه وجد بقايا ضميره يعيد كل ما مر أمام عينه ويقوم بتلك المقارنات الحاسمة لتجعله يتدارك شيء فشيء فداحة أفعاله التي ارتكبها في ظل إرضاء غروره و إشباع تلك الرغبات التي اندثر زهوها وأصبح يشعر نحوها بالفتور الآن.
كانت طوال الوقت شاردة ترد على أحاديثه المفعمة بالشغف بإقتضاب أو تكتفي فقط ببسمات باهتة مما جعله يشعر بريبة من حالها ويتسأل بقلق
نادين أنت مش طبيعية خالص النهاردة
ابتلعت غصة بحلقها ونفت برأسها قائلة بثبات بالكاد كانت تتصنعه
مفيش حاجة صدقني...
تنهد هو بعمق فهو يحفظها عن ظهر قلب لذلك لم يخيل عليه ادعائها و هدر متفهما
حبيبتي لو انا زعلتك في حاجة قوليلي يمكن مأخدتش بالي... بلاش تسكتي علشان ميبقاش في تراكمات بينا...وانا اوعدك هفهمك
وأي مشكلة هنتشارك في حلها مع بعض
تعلقت عيناها النادمة به وكم أرادت حينها أن تصرخ بعلو صوتها وتخبره أنها ليست مستاءة منه بل من نفسها فحقا هي لا تستحق أي شيء من ذلك الحب والاهتمام الذي يغدقها به ورغم حديثه المطمئن لها ولكن ياليتها تستطيع أن تزيح ذلك الحمل الثقيل عن كاهلها وتخبره فكيف وهي تعرفه تمام المعرفة فإذا علم بالأمر لن يتهاون ابدا فيا ليت الأمر كان شيء لا يمس كبريائه ك رجل ولا كرامته فهي تعلم طباعه جيدا وذلك ما ېقتلها وينخر احشائها لذلك وجدت ذاتها تصرح بعيون تكن خوف عظيم
عارف حتى لو زعلتني أنا جوايا رصيد ليك يدوم العمر كله مهما تعمل هسامحك مفيش تراكمات بس في حب ومواقف كتير كنت فيها جنبي بتساندني وتقويني أنت سندي وضهري وكل حياتي وأنا من غيرك ولا حاجة يا يامن
كانت تتحدث دفعة واحدة بنبرة صادقة نابعة من صميم قلبها الذي يخشى فقدانه. بينما هو كان يستمع لحديثها بعيون لامعة مولعة بها وبكل حرف تنطق
به يشعر أنه يلامس السماء من شدة سعادته حتى أنه همس ببسمة واسعة مفعمة بلهفة قلبه
معقول كل ده
انا
مهما قولت مش هوفيك حقك
قالتها وهي تربت على يده المسنودة على الطاولة بحركة مطمئنة مؤيدة جعلته يتنهد براحة ويهدر قائلا وهو ينحني برأسه واست قلبها
انا بحبك يا نادين بحبك
حانت منها بسمة هادئة رغم ذلك الخزي الذي يعتريها من نفسها ثم كوبت يده التي تستقر على يدها براحتها قائلة بتماسك بالكاد تصنعته كي تتهرب من أسئلته المتكررة التي ستفضح أمرها
طب تعالى نرقص
أومأ لها ولكن استوقفها قائلا
استني كنت هنسى
تأهبت بنظراتها له وهو يسحب يده من بين يدها ويخرج علبة من المخمل الأحمر وفتحها أمام نظراتها لتشهق بتفاجئ حين رأت دبلتين واحدة من الذهب الأبيض المرصعة بفصوص صغيرة من الالماس الذي يخطف الأنفاس والآخرى فضية بتصميم رجالي مميز اعجبها كثيرا ليهمس هو بنبرة عاشقة مفعمة بضجيج قلبه
آسف إني اتأخرت في الخطوة دي بس كنت عايزك تلبسي دبلتي بإقتناع تام منك من غير أي ضغوط علشان لو دخلت صباعك هتوعديني أنك متقلعهاش ابدا
هزت رأسها بسعادة منقوصة لطالما كانت تتمنى أن تكون خالية من أي منغصات أو شيء يرهبها ثم تناولتها من العلبة واخبرته بكل ثقة
عمري ما هقلعها ولو أخر يوم في عمري
لتحثه بنظراتها أن يلبسها إياها وبالفعل فعل ذلك ببسمة واسعة جعلتها تود أن ترتمي بين يداه الآن وتجهش بالبكاء ولكن إن فعلت ستخرب سعادته وتجعله يشعر بالريبة من أفعالها أكثر لذلك ألبسته هي ايضا دبلته وأخبرته بنبرة تقطر بحاجتها 
عايزة ارقص معاك
أومأ لها لساحة الرقص 
بعد وقت قليل وعندما طال صمتها همس هو بنبرة هادئة
فاكرة يوم ما اصريتي ارقص معاك يوم عيد ميلاد صاحبتك
بهتت ملامحها لثوان قبل أن تجيبه
اه ميرال
تنهد تنهيدة عميقة ثم أخبرها
اليوم ده كان حلو وعمري ما نسيته
شعرت بوخزة بقلبها
تم نسخ الرابط