رواية خطايا بريئة(الفصل العشرين إلى الثاني والعشرين) بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

الفطور بكل طواعية دون أي ضجر او شغب على غير عادتهم مما جعلها تقول وهي تجاور شريف
ساكتين ليه يا ولاد مالكم انتو كويسين
أومأو لها وبادر شريفبإندفاع كعادته
أحنا كويسين علشان أنت بقيت كويسة يا مامي وبطلتي تعطيتي
وقررنا أننا عمرنا ما هنزعلك ولا هنتخانق تاني علشان متزعليش
لتؤيده شقيقته
ايوة أحنا كنا زعلنين عليك وكنت انا وشريف بنقعد نعيط قبل ما نام
غامت عيناها التي يسكنها الحزن وقد جذبتهم فتلك الفترة التي تعافت بها أدركت أنها كانت تؤثر بالسلب عليهم دون قصد منها لذلك قالت بحنو وبصوت متحشرج على حافة البكاء وهي تقبل قمم رأسهم بالتناوب
حقكم عليا...الفترة اللي فاتت كانت صعبة عليا اوي وبعدين أنا عمري ما أزعل منكم أنتو كل حياتي ياولاد ومليش غيركم
قبلتها شيري من وجنتها وقالت ببراءة متناهية
واحنا بنحبك يا مامي ومش عايزينك تزعلي تاني ولما يرجع بابي من السفر هنخاصمه علشان هو اللي علطول بيزعلك
نفت رهف برأسها وقالت بدافع أمومي بحت كي لاتشوش تفكير ابنائها
لأ يا شيري بابي مش هو السبب أنا كنت تعبانة شوية وعلشان كده كنت بعيط لكن بابي بيحبكم وهيجبلكم حاجات حلوة كتير لما يرجع من السفر
صفقوا بحماس طفولي واتسعت بسماتهم لتستأنف هي
يلا بقى علشان منتأخرش كملوا فطار
إنصاعوا لها وباشروا تناول طعامهم بحماس بينما هي اندثرت بسمتها تدريجيا وانفلتت دمعة من عيناها أخفتها سريعا وأخذت تنعي بسرها حظها وحظ ابنائها
فنعم كذبت ولكن ليس من أجله هو هي على يقين تام أنه لا يستحق أي شيء ولكنها فعلت ذلك من أجل ابنائها فلن تزرع ضغينة بقلوبهم لأبيهم وتشوش تفكيرهم بذلك السن الصغير بل كانت تفضل أن تمهد لهم أمر رغبتها في الأنفصال عنه تدريجيا كي لا يؤثر بالسلب على نفسيتهم .
كانت تصحبهم وهي تقبض على كفوفهم الصغيرة براحة عارمة كأنها العالم بما فيه بين يديها خطوة خطوتان بعيدة عن مدخل البناية وتيبست قدميها عندما وجدته أمامها
لوهلة شعرت بإنقباض قلبها ولكن كفوف صغارها وتمسكهم بها جعلها تصمد و تطالعه بنظرات باردة جوفاء خالية من كل شيء.
اختصر المسافة بينهم بخطوتان حين لاحظوا ابنائه تواجده

وهرولو إليه هاتفين بفرحة
بابي وحشتنا
جثى حسن على ركبتيه وشملهم بين ذراعيه 
وحشتوني اوي يا ولاد عاملين أيه كنت هتجنن عليكم
رد عليه شريف ببسمة واسعة
أحنا كويسين أنت رجعت من السفر امتى
لتشاركه شيري ايضا 
وياترى جبتلنا ألعاب حلوة زي ما ماما قالتلنا
اخرجهم من بين ذراعيه و
جعد حاجبيه مستغربا ولكنها أرسلت له نظرة ثابتة تحثه بها على مسايرتهم فما كان منه غير أن يقول
لسة راجع ...واه جبتلكم العاب بس في البيت نسيت اجيبها معايا لما نرجع مع بعض هتشفوها
قال أخر جملة وهو ينظر لها نظرة مترقبة جعلت جانب فمها يعتلي ساخرا ثم قالت دون أن تعيره أي اهمية أو توجه له حديث
يلا يا ولاد عربية المدرسة وصلت.
أومأو لها بطاعة لتصحبهم هي إلى عربة المدرسة وما أن اطمأنت عليهم عادت ادراجها تحت نظراته فكاد يجن حين وجدها لم تعطيه أي اهمية وتتخطاه وفي طريقها لساحة البناية ليهرول قابض على ذراعيها قائلا بنبرة رغم حدتها إلا انها كانت تحمل العتاب بين طياتها
كنت فين انت والولاد أنا دورت عليك هو للدرجة دي وصلت بيك يا رهف
أنا عارف أنك زعلانة على البيبي بس أنا مكنش قصدي تخسريه...
وبعدين انت اللي استفزتيني و خلتيني معرفش اسيطر على اعصابي
حانت منها بسمة تحمل بين طياتها سخرية مريرة فهو كعاهدته يعشق أن يتقمص دور الضحېة ويضع اللوم عليها لذلك قررت ترد عليه رد يليق عليه ويناسبه أكثر حين وقفت في مواجهته قائلة بثقة وبقوة اكتسبتها بعد نكبتها
وفر اعذارك يا باش مهندس أصلها احتمال تنفعك قدام النيابة
تفاجئ من حديثها كثيرا فكانت واثقة بشكل أثار ريبته ولكن كعادته هدر متعجرفا
انت أزاي طلعت خبيثة و قليلة الأصل كده وعايزة تسجنيني وتطلقي مني علشان غلطة مش مقصودة
هل هذا المسمى الصحيح لكم الخذلان الذي اغدقها به هل من المفترض أن تتعاطف مع حديثه وتصدق على نواياه ألهذا الحد يظنها ساذجة!
انت جاي عايز ايه
قالتها وهي تربع يدها و ترشقه بنظرات قاټلة استفزته وجعلته يهدر متبجحا
أنت مراتي وجيت علشان أخليك ترجعي عن اللي في دماغك وانا مسامحك بس خلينا نرجع زي الأول
اصدرت صوت متهكم من فمها يشبه ذلك الذي كان يستفزها به حين يستخف بها و قالت بعدها ببسمة ساخرة وبنبرة لا تحمل لمحة ضعف واحدة
زي الأول ...وكمان أنت اللي مفروض تسامحني... تصدق ضحكتني
هو أنت فاكرني ساذجة للدرجادي علشان مقدرش اميز واغلط نفس الغلطة مرتين انا ربنا بيحبني علشان شال الغشاوة من على عيني وعرفتك على حقيقتك لتندثر بسمتها تدريجيا وتستبدلها بأخري نافرة وتستأنف حديثها
أنت اللي جابك هو أنك خاېف تتحبس يا باش مهندس
لتتهكم قاصدة اثارت أعصابه كما يفعل معها
بس أنا عذراك أصل وصلني أن قاعدة الحجز معجبتكش ومعدتك يا حرام ما اتحملتهاش.
أحتدت نظراته وجز على نواجزه بقوة يلعن ذلك اليوم بكل مافيه وهو يستغرب من أين علمت بتلك التفاصيل وكيف لها أن تتشفى به بتلك الطريقة فذلك منافي تماما لطباعها لذلك قال بنبرة تقطر غيظا
كله بسببك... وبعدين أنت أزاي شمتانة فيا كده...يا خسارة يا رهف لأول مرة من يوم ما اتجوزتك تخلفي ظنوني أنا كنت فاكر أنك عمرك ماهتخلي الأمور تتفاقم بينا لغاية كده كنت فاكر أنك عاقلة وأصيلة ومش هيهون عليك تسجني ابو ولادك
ظلت على ثباتها ولم تؤثر بها تلك المسرحية الهزلية خاصته فقد طفر بنواياه الحقيقية دون ان يقصد لذلك أجابته بكل ثبات وبنظرات متحدية شامخة
رهف القديمة مبقلهاش وجود فمتحاولش تستعطفها علشان مش هرجع في اللي عملته وانت لازم تاخد جزاتك ومن هنا ورايح إياك تتعرضلي وإلا هبلغ عنك ولو فاكر انك ممكن تلوي دراعي بالولاد فالحضانة وفقا للقانون ليا لغاية سن الحضانة يعني مش هتعرف تضغط عليا بيهم وخصوصا إني اقدر أثبت أنك مكنتش أمين عليا وبالتالي عمرك ما هتكون أمين عليهم 
اللي بيني وبينك المحاكم واظن انت فاكر إني طلبت منك الطلاق قبل كده وأنت رفضت فمتلمش غير نفسك أنت اللي اضطرتني لكده علشان اعرف أخلص منك
لطالما كان يثق في قلة حيلتها ويظنها ستتفهم وتسامح كعادتها بلين قلبها ولكن حقا افحمته بتلك الثقة والقوة التي تقطر من حديثها حتى أنه استغرب أين اندثرت تلك الهادئة المتفهمة قليلة الحيلة التي كانت لا تتحامل عليه مهما فعل فكيف تبدلت هكذا في غضون أيام

واين ذهب لين قلبها فكان الأمر يصعب عليه استيعابه فأخر شيء كان يريده هو خسارتها لذلك وجد ذاته بدلا أن يثور عليها يعاتبها قائلا
تخلصي مني يا رهف لدرجة دي أنا وحش ومتعاشرش ومشفتيش مني حاجة حلوة
لمعت عيناها بنظرة كارهة مستنفرة وأخبرته بلا اكتراث يشابه ذلك الذي لطالما اغدقها به
مبقاش فاضل شيء جوايا يتشفعلك ولا باقي عليك أنا اكتشفت إن لو في جوايا طاقة للحب فنفسي و ولادي اولآ بيها
لا يعلم لم شعر بوخزة مؤلمة بقلبه حين وجد تلك النظرة بعيناها التي تنم انها بالفعل مقتته هي من كانت تستجدي حبه وأهتمامه من كانت يمثل العالم بعيناها أصبحت الأن تمقته لدرجة أنها ستتخلى عنه وتخرج من حياته للأبد وعند تلك الفكرة وجد عقله ېصرخ مستنكرا
رد بنبرة تلاشت منها الحدة تماما وحل محلها الخۏف وكأنه أدرك للتو كونها جادة في قرارها
أنت لسة مراتي يا رهف بلاش تعملي كده فينا بلاش تخربي بيتنا علشان خاطر ولادنا
نفت برأسها بعدم اقتناع وردت متهكمة
غريبة دلوقتي فكرت في ولادك وفي خړاب بيتك...أنا عشت سنين بعافر لوحدي علشان أحافظ على بيتك بس أنت عمرك ما قدرت ده الذنب ذنبك لوحدك واللي زرعته بأيدك هتحصده
رمش بعينه يحاول ان يستوعب الأمر فهي محقة وهو كان على دراية تامة بذلك ولكنه كان يبرر تغاضيها وتحاملها كونه فرض عليها وحق مكتسب له لعڼ ذاته بسره ولعڼ غبائه واستهتاره بها وهدر بترقب وبعيون غامت بالحزن لتوها
خلينا نبدأ من جديد أنا مقدرش اتخيل حياتي من غيرك 
رفعت منكبيها بعدم إكتراث وأخبرته دون ذرة تردد وكأنها تبدلت لآخرى غريبة عليه
مش مشكلتي...علشان أنا من هنا ورايح مش هقدم تنازلات و هعيش لولادي و لنفسي وبس
غامت عينه وهو يشعر بشعور لأول مرة يداهمه وقال بنبرة متقطعة غير مستوعبة
أنت بتقولي كده علشان واخدة على خاطرك صح... طب خلينا نقعد ونتفاهم ونوصل لحل تاني أنا متأكد أنك لسة بتحبيني وتقدري تسامحيني
مستحيل اللي كسرته جوايا مستحيل يتصلح الطلاق احسن ليا وليك بدل ما نأذي بعض اكتر من كده
ذلك اخر ما تفوهت به قبل أن تتركه وتسير لداخل البناية تاركته مشدوه ينظر لآثارها بعيون غائمة وبقلب ثائر أدرك الأن فقط أن يقينه بشأنها لم يكن بمحله فثورتها تلك لم تكن سوى لتراكمات عديدة كانت تتغاضى عنها وتتهاون من أجل ان تحيا بسلام وتحافظ على كيانها ولكن هو لم يقدر ذلك يوم بل تمادي في طغيانه. ويبدو أن قد حان الوقت كي ينال جزائه. 
طرقات منتظمة على باب الشقة جعلت الصغيرة تهرول تفتح الباب لتجد سيدة تقول من طرف أنفها
ماما موجودة يا شاطرة
أجابتها طمطم وهي تتطلع لذلك الفراء الثمين التي تضعه على ذراعيها بأنبهار تام
ايوة ثوان وانديهالك هو ده فرو أيه ده حلو اوي
مين يا طمطم على الباب
قالتها شهد وهي تخرج من المطبخ وتحمل بيدها مغرفة الطعام التي كانت تعده لتوها و
دعاء
حانت من الأخرى بسمة متعجرفة وهي ترشقها بتدني واضح وقالت بنبرة تحمل التحذير بين طياتها
أه دعاء مش هتقوليلي اتفضلي يا شهد متهيئلي في عندي كلام مهم لازم تسمعيه... ده لو عايزة مصلحة أخوك.

تم نسخ الرابط