رواية خطايا بريئة(الفصل الأول إلى الفصل الثالث) بقلم ميرا كريم
الفصل الاول
في ذلك الحي الراقي الذي يتلبس بثوبه الأخضر والمعتق على أرصفته تلك الأشجار اليافعة التي تستيقظ عليها العصافير صباحا لتعزف تلك الأنشودة الهادئة التي عكر صفوها صوت تلك الأنغام الغربية التي صدحت من داخل أحد المنازل التي تتباعد عن بعضها حتى يتمتع قابعيها بتلك الخصوصية المميزة
فكانت هي تتمايل بجسدها على أنغامها وهي تتطلع لأدائها في المرآة بكل غرور وكأنها لم ترى أنثى أجمل منها على وجه الأرض فهي تتمتع ببشرة حنطية تشابه لون سنابل القمح وعيون سوداء ساحرة تشبه سماء الليل ولكن ليس النجوم هي ما تسطع بها بل المكر و الفتنة الخالصة مررت يدها بين خصلاتها الفحمية الهوجاء التي تتعدى خصرها النحيل ومنحنياتها التي تخفيها تحت كنزتها الواسعة وذلك البنطال الفضفاض ثم زفرت بضيق وهي تتذكر تعليماته الصارمة بشأن ملابسها فهي حقا سأمت كبته لحريتها لطالما طمحت أن تعيش حرية مطلقة كالفراشة دون قيود ولكنه يتعمد ردعها لتواسي ذاتها أنها لابد ان تتقبل منه أي شيء ولكن بشرط أن لا تدخل والدته بقراراته وعلى ذكرها أتاها صوتها من خلف باب غرفتها
يلا الفطار جاهز هتتأخري على جامعتك
نفخت أوداجها بغيظ وصاحت متأفأفة بعدما أطفأت ضجيج جهازها اللوحي
طيب .....جاية ...جاية
قلبت عيناها بملل وأخذت تلملم بكتبها ليطرق باب غرفتها بطرقات تعلم صاحبها لتزيح الحنق عن ملامح وجهها وتستبدله ببسمة واسعة وتهم بفتح الباب قائلة وهي تراه يستند على الحائط أمامها و يربع يده
رفع حاجبه بمكر فهو يعلمها ويعلم تلك الطريقة الملتوية خاصتها كي تؤثر عليه وتفلت من العقاپ بعد كل خطأ ترتكبه
صباح الأونطة اللي ما بتدخلش عليا بعد كل مصېبة
شهقت ببراءة و عقبت
أونطة ليه بس ده أنا كيوت خالص ومش بعمل حاجة
هز رأسه وقال في تهكم وناعستيه البنية تشملها
ابتلعت ريقها وأجابته بثقة مبالغ بها
كنت بذاكر مع نغم والوقت أخدني.... مأجرمتش يعني وبعدين انت عارف نغموعارف إن أحنا أصحاب من زمان وأظن واثق تماما في أخلاقها لتستأنف بتمرد وهي ترفع حاجبيها المنمقين
وبعدين هي أمك لازم تقومك عليا ده بدل ما تقولي وحشتيني يا نادو
عيب كده ....ومش هي اللي بلغتني .....وأخر مرة أحذرك ملكيش دعوة بيها و مسمهاش أمك... كلمة مش لطيفة علشان تطلع من بنت متربية زيك ....فااااااهمة
هزت رأسها بقوة وقالت تدعي الوداعة
الست الوالدة ارتحت كده ممكن بقى تسيب إيدي بتوجعني
نادين امي خط أحمر وأنت عارفة ده فبلاش طريقتك دي أنا مش بحبها علشان بتطلع أسوء ما فيا.....
ابتلعت غصة بحلقها وأومأت له بطاعة يعشقها منها ليبتسم بسمته البشوشة الدافئة تلك التي لا تفارق وجهه إلا بسبب حنقه منها
أومأت له ليستأنف بنبرة صادقة
على فكرة بقى وحشتيني يا نادو
كنت بعد الدقايق علشان أرجعلك وأشم ريحتك واطمن انك معايا
أبتسمت بسمة ناعمة وهي تدفعه برفق وقالت ووجهها يشتعل خجلا
يامن هتأخر على المحاضرة الأولى
أومأ لها وتفهم خجلها ببسمة مريحة بينما هي فرت من أمامه تسبقه إلى طاولة الطعام
لسة زعلانة يا بنتي.....
جملة قالتها ثرياوالدة يامن أثناء تناولهم الطعام لترد هي ببرود ساخر تعمدته وكأن تحذيره لها قد تبخر
محدش يعرف يزعلني يا مرات بابا
زفر يامن بقوة و وضع شوكته من يده بعصبية محدث صوتا قوي أجفلها وجعل نظراتها تهتز بتوجس وإن كاد يفقد أعصابه ويوبخها ككل مرة على تطاولها مع والدته ولكن والدته ربتت على ساقه من تحت الطاولة كي يهدء بينما هي لاحظت حركتها تلك لتنبسط معالم وجهها وتفتر عن بسمة مفعمة بالانتصار الذي لم يدوم حين قال بنبرة آمرة
أعملي حسابك مفيش مذاكرة برة البيت تاني
أعترضت بعصبية
بس انا مبعرفش اذاكر لوحدي ونغم معاها مراجع وبتشرحلي
اللي مش بفهمه
خلاص خليها هي تجيلك
نفت برأسها وبررت
باباها مش هيرضى انت عارف هو مشدد عليها أزاي
ليزفر أنفاسه ويقول بقرار قاطع
خلاص قوليلي أسماء المراجع دي وبكرة تبقى عندك وأي حاجة مش فهماها هساعدك أنا فيها
كادت تعترض مرة آخرى ولكنه صړخ بها بنبرة صارمة تعرف جيدا أن لا رجعة فيها
من غير اعتراض .....كلامي يتسمع
أحتدت نظراتها السوداية أكثر وهي ترمق والدته پحقد بائن أحزنثريا كثيرا عندما كللته بكلماتها المسمۏمة
يارب تكون أرتحت يامرات بابا
عقبت ثريا بطيبة مستنكرة
أنا يا بنتي ده انا نفسي أشوفكم أحسن الناس
رفعت حاجبها المنمق مستنكرة قولها وكادت ان ترد بعجرفة كعادتها لولآ صوت ارتطام كوبه الزجاجي بلأرض الذي زاحه پغضب أعمى تخشى تبعاته ورغم ذلك تعاند
ناااااااادين ولا كلمة كمان واتفضلي اسبقيني على العربية
دبت الأرض بقدمها وتناولت كتبها ثم انصاعت له تاركته يشرد في آثارها بضيق فحقا هو سأم من طباعها تلك وحديثها اللاذع مع والدته وكأنها تتعمد أن تثير غضبه وتخرجه عن طوره فهو إلى الآن لا يعلم فيما أجرمت والدته لتعاملها هكذا رغم كل ما كابدته في رعايتها بعد ۏفاة أمها وجلب أبيها للعيش معهم انتشله من شروده صوت والدته الحنون وهي تربت على يده
معلش يا حبيبي بكرة تعقل وربنا يهديها والله أنا بدعيلها في كل صلاة دي بنت الغالي ومعزتها من معزته انا بس صعبان عليا حالها
أزاح غضبه جانبا و قبل يدها وقائلا بحنو
بالله عليك متزعليش منها نادين قلبها أبيض هي بس مندفعة وأكيد متقصدش تضايقك
مش زعلانة يا حبيبي ربنا يعلم انا بحبها أد ايه
رفع حاجبه بمشاكسة وقال بفخر واعتزاز ليس ابدا بموضعه
لازم تكون بتحبيها يا ماما دي مرات أبنك حبيبك وبكرة تبقى أم عياله ...........
آما على بعد عدة امتار من ذلك الحي الراقي نفسه وخصة بتلك الشقة ذات الذوق الرفيع التي أشرفت هي على تصميم كل ركن بها كي تكون كيانها الصغير الذي يجمعها به وبأطفالهم و تكتفي بهم عن العالم أجمع
فنجدها تتحرك في رشاقة وبخطوات مفعمة بالنشاط تحضر طعام الفطور شهقة خاڤتة صدرت منها عندما شعرت بيده تحاوطها من الخلف وصوته الذي صدر خشن أثر نومه
يا صباح الجمال
بادلته تحية الصباح ببسمة هادئة بعدما التفتت له
صباح الخير ....شكل مزاجك رايق النهادرة يا حسن
غمز حسن بتسلية وقال بنبرة مشاكسة يعلم انها تخجلها
يخربيت حسن دي اللي بتطلع من بؤك شبه الړصاص وبترشق في قلبي
ابتسمت تلك البسمة الرقيقة التي تجعله يظن أن العالم خلى من كل مصائبه ولم يتبقى غير ربيع بسمتها و سلامها النفسي الذي ينفض دواخله ويعبث بأفكاره ونواياه
حسن سرحت في ايه!!!
انتشله صوتها الناعم مما جعله يجيبها
عيون حسن وقلب حسن من جوة
_ بتحبني يا حسن
اومأ لها دون تفكير وكأن الأمر اعتيادي بالنسبة له و دون أن يؤكد بكلمات
الله ....الله يا سي بابي بقى سيبنا ھنموت