رواية فاذا هوى القلب(كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
المحتويات
التالي
الفصل التاسع عشر
فتحت عيناها الناعستين بتثاقل ثم قامت بفركهما بإصبعيها بحركة خفيفة ثابتة متثاءبة بصوت خفيض
تمطت بذراعيها لتزيح عنهما ذلك التيبس ومن ثم استدارت برأسها نحوه
ارتفعت بجسدها عن الفراش قليلا لتتأمل وجهه بنظرات مطولة قبل أن تهمس له بدلال
حبيبي مش هاتصحى بقىاحنا بقينا العصر
وايه يعني
سألته مهتمة وهي تعبث بخصلات شعره القصيرة
مش هاتنزل شغلك النهاردة
لأ عاوز أنام!
عبس وجهها وهي تضيف بضيق
اوكي يا حبيبي براحتك أنا هاقوم أجهزلك الغدا و
مش عاوز أكل أنا هنام وبس!
ضغطت على شفتيها مرددة
ماشي
ثم نهضت من جواره والتفتت لتنظر له بعمق محدثة نفسها بضجر
سارت إلى خارج الغرفة ومعها هاتفها المحمول وأغلقت الباب ورائها لتضمن عدم استماعه لمكالمتها مع والدتها
ألقت بثقل جسدها على الأريكة لتتمدد بإسترخاء ولفت حول إصبعها خصلات شعرها
ناموسيتك كحلي يا عروسة
ردت عليها ولاء بسخط
يا ماما أنا عديت المرحلة دي من زمان!
هتفت شادية قائلة بتفاخر
لأ عروسة ونص وكله بالورق الرسمي!
تقوس فمها بابتسامة باهتة وهي تضيف
أها طمنيني بس عملتي ايه
أجابتها والدتها بثقة
أنا لسه راجعة من عند المحامي وخلاص هانظبط قضية نقل الحضانة ليا! اطمني
سألتها بتوجس وهي تعتدل في جلستها
ودياب
أجابتها بهدوء متريث
أكيد مش هايعرف دلوقتي! أما يوصله الإعلام!
حدقت ولاء في أظافرها متابعة بتوتر قليل
ربنا يستر بقى
صاحت بها شادية بجدية
انسيه وركزي مع اللي في ايدك مش عاوزين غلطات
ردت عليها ابنتها على مضض
ماشي!
ثم تابعت الاثنتان ثرثرتهما المعتادة حول بعض الأمور الغير هامة
خرجت الممرضة من الغرفة لتستدعي أفراد الأمن للتدخل قبل تأزم الوضع في غرفة المړيضة
تحفز منذر للغاية وتشنجت عروقه بوضوح وبدا على وشك أحدهم بعد تفاجئه بالصڤعة العڼيفة من قبل الحاج فتحي على تلك المكلومة الضعيفة
ما أثار غيظه حقا هو أنها لم تخطيء هي مازالت في حالة صدمة لم تستفق بعد من غيبوبتها المؤقتة وتستوعب تلك الفاجعة المتمثلة في خسارة والدتها
أظلمت نظراته للغاية وهدر بصوت خشن مخيف يحمل الغل
حاج فتحي!
لم يهتم به الأخير وظلت أنظاره المحتدة مسلطة على أسيف التي هتفت بصوت باكي متخاذل وهي تذرف العبرات المريرة بغزارة
بابا لو كان عايش كان
قاطعها الحاج فتحي صائحا بنبرة عدائية وهو يشير بإصبعه مهددا
لو بؤك اتفتح تاني ه آ
قبض منذر على إصبعه المهدد شاددا قبضته عليه متعمدا إيلامه
ثم مقاطعه بنبرة قاتمة وقد بلغ ذروة غضبه
انت بتستقوى على حرمة لأ وقصادي كمان!
غاب عقل الحاج فتحي تماما وهدر فيه بنبرة متهورة
دي شرفي أعمل معاها اللي عاوزه!
شكل منذر بجسده حاجزا منيعا أمامه ليسد عليه أي فرصة للإقتراب منها والټهديد بإيذائها ورد عليه بصوت قوي محذر
ده لو أنا مش موجود!
فوجيء الحاج فتحي بما يفعله وردد مستنكرا
افندم
تابع منذر قائلا بشراسة وهو يتعمد تسليط أنظاره القاتمة عليه
مش هاسمحلك تمد ايدك عليها تاني!
ثم تحرك بجسده للأمام نحوه جابرا إياه على التراجع للخلف وهو يضيف بازدراء مهدد
ولولا العيبة إنه يتقال مديت ايدي على راجل كبير زيك كنت خدت حقها وقتي منك!
صاح الحاج فتحي بعصبية شديد وقد تشنجت عروق عنقه
انت اټجننت بتهددني كده عيني عينك
كز منذر على أسنانه بقوة ليرد بجموح
منذر حرب مابيهددش أنا بأخد حقي بدراعي على
طول!
دفعه الحاج فتحي من كتفه بأقصى طاقته ليفسح المجال أمامه للمرور قائلا بانفعال
ابعد عن طريقي!
جمد الأخير من جسده وثبت أقدامه في الأرض ليبدو كالصخرة الثقيلة الصعب إزاحتها من مكانها فلم يستطع هو تحريكه إلا مسافة لا تتجاوز السنتيمرات
تابع الحاج فتحي صياحه الغاضب قائلا
أنا ماليش اتكلم مع واحد زيك مالوش صلة بينا أنا هاخد البت وأمشي من هنا!
ظل منذر معترضا طريقه وهو يرد بشراسة
مش هايحصل مش هاسيبهالك تستفرد بيها!
صاح به الأخير بعد أن شعر بإنكسار هيبته أمامه
إنت هاتمنعني
هز منذر رأسه بالإيجاب مرددا بثقة
اه بالقوة! بالعافية! أو بقلة الأدب! شوف إنت و اختار اللي عاوزاه بس هي مش هاتمشي معاك!
كور الحاج فتحي قبضة يده ولكمه في صدره پعنف بعد عبارته الأخيرة وهتف مغتاظا
لأ بقى! انت كده اتخطيت حدودك معايا وأنا مش هاسكتلك
أمسك منذر بقبضته وضغط عليها پعنف أكبر مسببا الألم له وهتف مرددا بنبرة عدائية
أعلى ما في خيلك اركبه واللي عندك أعمله وزود عليه كمان!
اضطر الحاج فتحي أن يسحب كفه منه رغما عنه وحدجه بنظرات ڼارية
أدرك هو فارق القوى الجسمانية بينهما لكنه لم يكن ليتركه ينتصر عليه
فكر سريعا في طريقة للتخلص منه وأوهمه أنه سيتراجع للخلف لكنه كان يبحث عن ثغرة تمكنه من المرور والوصول إلى أسيف
استدار منذر عفويا ليحدق فيها بضيق
كانت تبكي متحسرة مازالت واضعة يدها على وجنتها
صدرها يعلو ويهبط من فرط الخۏف
شعر بوخز في قلبه نحوها فالموقف أكبر منها
وزفر بإنزعاج كبير
لم ينتبه هو للحاج فتحي الذي دار من حوله ليمسك بأسيف
هاتفا پغضب
قومي يا بت!
أفاق من تحديقه سريعا مرددا پغضب
انت بتعلم ايه
صړخت أسيف بفزع على إثر قبضته وقاومته رغم ضعفها قائلة
آآآه أنا مش هامش
هزها پعنف وهو يسحبها قسرا ليوبخها بقسۏة متوعدة
لينا كلام تاني يا بنت حنان!
آآآآه
تأوهت بآلم شديد وهي تحاول الخلاص منه
تدخل منذر ليبعده عنها صائحا بعصبية
مش قولتلك مش هتاخدها
دفعه الحاج فتحي من كتفه بقبضته الأخرى مرددا بصوت متحشرج
ابعد ياض انت!
رمقه منذر بنظرات محتقنة للغاية مرددا بحدة
ياض!!!!!
كان الحاج فتحي على وشك صفع أسيف مجددا وهو يقول
عاجبك الفضايح دي!
وقبل أن تطال كفه وجنتها كان منذر قابضا على رسغه ضاغطا عليه بقوة رهيبة وهدر فيه بنبرة مخيفة
ابعد ايدك عنها
اشتعلت نظرات الحاج فتحي وهدر متشنجا
سيب دراعي بدل ما آ
قاطعه منذر قائلا بنفاذ صبر وقد أوشك على الانفجار فيه
شوف أنا فاض بيا منك وهي كلمة إنت مش هتاخدها وده أخر ما عندي!
استجمع بعدها قوته ليدفع الحاج فتحي بعصبية للخلف بيد واحدة وباليد الأخرى قبض على رسغ أسيف وجذبها منه قائلا بصوت آمر
تعالي
كاد الأخير أن يفقد إتزانه على إثر الدفعة ولكنه استند بمرفقه على طرف الفراش
لم تبد أسيف أي مقاومة معه فقد استنفذت قواها بالكامل وسارت مستسلمة معه فقط لتنجو من بدنها من شراسة الأقرب إليها
اعتدل الحاج فتحي سريعا في وقفته وعدل من هيئته التي لم تعد مهندمة ثم حاول اللحاق بمنذر وأسيف مرددا بصوت متحشرج
واخد البت على فين
لم يلتفت نحوه منذر بل إستمر في جر أسيف خلفه ورد عليه بصوت حاسم وبقتامة نافذة في نفس الوقت
على بيت عمتها وهناك بقى تتكلم معاها ومع كبار حتتنا!
أسرع الحاج فتحي في خطاه وقبض على ذراع أسيف فصړخت متأوهة من أظافره المغروزة فيها
توقف منذر عن السير واستدار ناحيته ووجهه يعكس الكثير عما بداخله من نيران مستعرة
شد أسيف ناحيته أكثر ووضع قبضته على يد الحاج فتحي ليزيحها عن ذراعها
حدج الأخير منذر بنظرات ساخطة وهتف فيه
بتوعد
فكرك إنت هاتعرف تهرب مني لأ انت مش عارف مين الحاج فتحي ولا قرايب الحاج فتحي! إنت وقعت معايا وأنا هاخدها غصبن عنك!
تمكن منذر من تخليصها منه ورد عليه بجموح مخيف
وماله والعنوان أهوو عندك مايتوهش!
ثم لف ذراعه حول كتفي أسيف ليحاوطها وانطلق بها مبتعدا عنه
تابعه الحاج فتحي بنظرات ممېتة ورفع من نبرة صوته قائلا وهو يلوح بيده
ماشي يا ابن ال ! مش الحاج فتحي اللي يتهزأ على كبر ومايخدش بتاره!
أخفض رأسه ليبحث بلا تركيز عن هاتفه المحمول في جيبي جلبابه ثم أخرجه ليهاتف أحد الأشخاص
ظل يذرع الرواق ذهابا وإيابا وهو يقول بنبرة محتدة
أيوه يا حاج اسماعيل عاوزك في موضوع مهم جدا لأ مايستناش! اسمعني للأخر!
ابتعد منذر بأسيف عن الطابق المتواجد به قريبها الشرس
كانت هي مزعوجة من محاوطته لها فتملصت بضيق من ذراعه
أرخى هو يده عنها وحاول طمأنتها قائلا بهدوء متريث
مټخافيش محدش هايعمل حاجة!
فركت ذراعها المتآلم بكف يدها مرددة بإصرار
أنا عاوزة ماما وديني عندها!
نظر إليها ولم يعقب وضغط على شفتيه بقوة محاولا التفكير في طريقة لإقناعها أن والدتها قد قضت نحبها
بادلته نظرات متعجبة من صمته المؤقت فزفر بضيق من تلك النظرات
زاد حنقه حينما وجد أثار تلك الأصابع محفورة على وجنتها
أبعد عيناه عنها ووضع إصبعيه على طرف ذقنه ليفركه بحيرة
يئست من مساعدته لها فتحركت مبتعدة عنه سائرة بلا وجهة محددة لتبحث عنها
لحق بها منذر وأمسك بها من معصمها ليجبرها على التوقف
التفتت ناحيته ورمقته بنظرات حادة مرددة بصوت مبحوح
أنا مش عاوزة مساعدة منك أنا هادور عليها بنفسي
ثم دفعت بقسۏة يده عنها
رأى في نظراتها إصرارا عجيبا يتنافى تماما مع ذلك الضعف الذي كان أمامه قبل لحظات
لم يجد بدا من مصارحتها بالحقيقة لذا أمسك بذراعيها بكفيه ووقف قبالتها صائحا بصوت آمر
عاوزك تسمعيني كويس وتفهمي الكلام!
انتفضت من لمسه لها وجاهدت لتبعدهما عنها
لم يهتم بما تصدره من مقاومة وتابع قائلا بقسۏة وقد أظلمت نظراته
أمك معدتش عايشة وسطنا راحت مع اللي راحوا!
اضطربت أنفاسها وبرقت عيناها بشدة وهي تهتف محتجة ومستنكرة حديثه
لأ ماما مامتتش إنتو ليه مصممين
قاطعها قائلا بصوت قاتم وهو يهزها پعنف
مش وقت جنان أمك ماټت فعلا والمفروض هتدفن وده متأجل عشان خاطرك!
نهج صدرها وتهدجت أنفاسها بصورة ملحوظة
تقطع صوتها واختنق بصورة كبيرة وهي تهز رأسها نافية
لألألأ كدب كله كدب هي تعبانة بس شوية!
شدد من قبضتيه عليها ليضيف محذرا بجمود
شوفي أنا لو سبتك للراجل المفتري اللي جوا ده مش هايرحمك!
لم تتمكن من منع عبراتها فآلم صڤعته مازالت أثاره باقية في نفسها لذا ردت بصياح باكي
هو جاي ليه أصلا ما خد الأرض مننا عاوز ايه تاني مش هاسيبه ياخد أمي!
أغمض منذر عينيه للحظة يائسا من محاولة إقناعها بالعكس
ثم تنفس بعمق وعاود فتح جفنيه ليقول بهدوء مصطنع
ركزي معايا أمك ماټت
تصلبت تعابير وجهها واصطبغ بحمرة غاضبة وهتفت مستنكرة بعناد أكبر رغم اختناق حروف كلماتها
لأ ماما لسه عايشة!
وصل منذر إلى قمة يأسه معها فهتف بنزق
مابدهاش بقى تعالي معايا!
أرخى قبضته عن ذراعها الأيمن وشدد من الأخرى على الأيسر ليجذبها خلفه
حاولت التحرر منه وهي تسأله بصوت متحشرج
واخدني على فين
أجابها بنبرة جافة للغاية وقد قست نظراته
هخليكي تصدقي!
ابتلعت ريقها پخوف شديد وزاد خفقان قلبها وهي تتبعه رغما عنها
لم يكن أمام منذر أي
متابعة القراءة