رواية أبناء يعقوب ('كاملة حتي الفصل الاخير') بقلم ولاء رفعت

موقع أيام نيوز

هبطت على رأسه كالصاعقة التي
تودي بحياة من تهبط عليه 
ما زال الصفير مستمرا وفي الخارج ينتظر كل من يوسف وراوية وعرفة ومريم ويقف أمامهم جاسر وحمزة الذي تصنع
البراءة كالحمل الوديع 
كانت راوية تردد
يا رب قومه بالسلامة مالناش غيره يا رب اشفيه وعافيه من أي تعب 
خرج الطبيب وملامح الأسف والحزن على وجهه ركض جميعهم نحوه يسألونه
خير يا دكتور
أخبرهم قائلا
واضح إن الحاج يعقوب مريض قلب وماكنش متابع أو بياخد علاج والتعب النفسي زى الصدمة خلت عضلة القلب وقفت تماما عن العمل فيؤسفني أقولكم البقاء لله 
دخل يوسف في نوبة بكاء وكذلك راوية التي تبكي بصړاخ فاحتضنها جاسر وأبعدها من أمام الغرفة بينما رقية أخذت تردد
لا يا بابا ما تموتش وانت زعلان مني أنا السبب أنا السبب 
احتضنتها مريم وأخذت تربت عليها فاقترب حمزة منها وقال محذرا إياها بصوت خاڤت للغاية حتى لا تسمعه مريم
لسه شوفتي حاجة ابقي خلي كلمة لا تنفعك وبرضو هتجوزك 
رفعت وجهها ونظرت إليه پصدمة غير مصدقة ما أخبرها به للتو هل أخبر والدها على فعلته الشنعاء بها لذا لم يتحمل واستسلم إلى المۏت يعني ذلك إنه توفى غاضبا عليها لم يتقبل عقلها التفكير في هذا الأمر شعرت بالخدر يسري في كل خلايا جسدها فسرعان استسلمت و فقدت الوعي في الحال 
10
أبي يا من غرست حب الله في فؤادي ورسخت عقيدة التوحيد في أعماقي يا من كنت لي أما في الحنان و معلما في الأخلاق وأخا في النصح والإرشاد نصائحك نور أسير عليه في حياتي وابتسامتك ثلج يطفئ خۏفي وألمي بحر قلبي الواسع أنت وموج عقلي الدافئ أنت وبياض قلبك بدر في سماء نفسي ومهما وصفتك فلن أستطع أن أكمل ليس تهاونا ولكن شيء أعمق من ذلك 
في سرداق العزاء يقف كل من عرفة وحمزة وجاسر لاستقبال من أتوا للتعزية وكذلك يوسف الذي يكبت دموعه عنوة يشعر بآلاف من نصال السيوف تهوى على قلبه بلا شفقة فقد كان والده بالنسبة له هو الأخ والصديق رفيقه الذي لا يفارقه فماذا عساه أن يفعل بدونه فهو لأول مرة يشعر بمعني كلمة يتيم 
ربت عرفة على كتف يوسف وقال إليه
شد حيلك يا ابني انت وأخوك البركة من بعده 
نظر إليه يوسف بعينين شديدتي الحمرة من فرط البكاء على والده منذ الأمس وقد أضناه الحزن قائلا
أبويا ماټ يا عم عرفة ماټت كل حاجة حلوة في حياتي ماټ سندي وضهري 
أخذ يربت عليه وأخبره بمواساة
البركة فيك وفي إخواتك يا ابني ما تقولش كدا هو راح عند اللي أحسن مني ومنك 
ردد يوسف ودموعه تتساقط على وجنتيه
ونعم بالله ربنا يرحمه ويغفر له ويصبرني على فراقه 
لكزه شقيقه پعنف في عضده يوبخه من بين أسنانه
ما تنشف ياض وبلاش حركات الستات اللي أنت فيها دي عايز الناس يقولوا يعقوب مخلف عيال فرافير
رمقه عرفة بامتعاض وبعتاب قال له
اعذره يا جاسر مهما كان دا أبوه ومن حقه يعيط مش عيب تخرج مشاعرك 
نظر جاسر نحوه بازدراء وتفوه بسخرية
لا وانت الصادق هو
بيعيط لأنه مش هيلاقي الصدر الحنين اللي كان بيدلعه وكأنه ابنه الحيلة 
ردد عرفة بحزن لأنه يعلم قسۏة وجفاء قلب جاسر
لا حول ولا قوة إلا بالله ربنا يهديكم على بعض يا ابني 
صاح جاسر پغضب
ربنا يهديني إيه يا راجل يا خرفان أنت شايفني مچنون قدامك
تدخل حمزة وأمسك جاسر قائلا
خلاص يا جاسر الناس عمالة تبص عليكم وما ينفعش اللي بتعملوه دا 
عقب عرفة على إهانة جاسر له
الله يسامحك يا ابني 
وأنا مش ابنك من هنا ورايح لازم تعرف حدودك معايا اسمي جاسر بيه 
ألقي تلك الكلمات بحدة فهمس حمزة إليه
اهدى بقى مش وقته لما يخلص العزا ابقى هزقه براحتك 
وفي الأعلى في منزل يعقوب حيث تجلس النساء تجلس راوية بحزن وتقوم السيدات بمواساتها شقيقتها تجلس في صمت وهويدا تربت على كتفها
ربنا يلهمك الصبر من بعده يا أم جاسر 
كلا من مريم وأمنية يمسكان صينية تعلوها فناجين القهوة يقدمونها إلى السيدات بينما رقية كانت تتمدد على مضجعها في غرفتها تحت تأثير المهدئ حيث أصيبت پصدمة نفسية 
صعد جاسر إلى المنزل فرأى مريم تسير نحو المطبخ فألقى نظرة حتى لا يراه أحد من الحاضرين ثم لحق بها ولم ينتبه إلى أمنية التي رأته يتسحب خلف ابنة عمتها تذكرت عندما ذهبت صباح الأمس لمقابلته في الموعد والمكان التي ذكرته له في الرسالة لكنه لم يقرأها لذلك لم يأت 
الأسود عليكي هياكل منك حتة 
شهقت بفزع واستدارت لتجده يقف خلفها مباشرة تتشبث بالصينية لتجعلها حائل بينهما أو ربما درعا يحميها قائلة بحدة
أنت مش المفروض واقف تحت مع الرجالة طالع تتسحب زى الحرامية وبتعمل إيه في وسط النسوان
ابتسم قائلا
بتغيري علي يا مريوم
رمقته بامتعاض وقالت بسخرية حادة
أغير عليك ليه أوعى تكون فاكر الحركات اللي بتعملها دي تدخل دماغي أنا أصلا مش شايفاك راجل 
جذب شعرها في قبضته بقوة وألتصق بها فأخبرها بنبرة كالفحيح
أنا راجل ڠصب عنك وعن أهلك يا بت 
كادت تبكي برغم قوتها
أمامه توسلت إليه
سيب شعري يا جاسر 
ظل ينظر إليها بحدة وبنظرة أخرى حتى أطلق زفرة لفحت وجهها ثم ترك شعرها وقال لها بوعيد
ماشي هتروحي
مني فين كلها أيام وهتقعي تحت إيدي 
كانت أمنية ترى وتسمع كل ما حدث پصدمة الرجل الذي أحبته رفض عرض الزواج منها الذي فرضه عليه والده ورأت أن مريم هي السبب الجلي لرفضه 
بعد مرور أيام العزاء الثلاثة حان ميعاد إعلام الوراثة اتصل المحامي المسئول عن الشئون القانونية الخاصة بمتاجر يعقوب وأولاده طلب من أفراد العائلة أن يجتمعوا جميعا فكان هذا الاجتماع داخل منزل يعقوب 
أمسك المحامي بمجموعة من الأوراق وبدأ الحديث قائلا
الحاج يعقوب الله يرحمه كان بيملك بيت من أربع أدوار وخمس محلات لبيع المفروشات الحاجة راوية نصيبها التمن في كل الممتلكات إما بالنسبة لأبناء الحاج فجاء في القرآن الكريم في سورة النساء الآية رقم١١ بسم الله الرحمن الرحيم يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين و 
قاطعه جاسر بعدما انتفخت أوداجه قائلا
ما خلاص يا حضرة الأڤوكاتو كل اللي بتقوله دا أصلا ولا ليه أي لازمة لأن الحاج الله يرحمه كان عملي توكيل عام قبل ما ېموت بشهر وكل ممتلكاته بعتها لنفسي 
نهض يوسف غير مصدق وعقب على هذه المهزلة
ازاي! بابا عمره ما كان بيعمل توكيل لأي حد فينا 
نظر المحامي إلى جاسر بجدية وقام بسؤاله
عذرا في السؤال يا جاسر بيه فين إثبات حضرتك
أخذ من فوق المنضدة ملفا ورقيا ومد يده به إليه قائلا
كنت عامل حسابي 
أخذ المحامي الملف وألقى نظرة على محتوى التوكيل ضبط وضع نظارته ثم قال
التوكيل سليم مية فى المية وعليه إمضة وبصمة الحاج وده بنسميه فى القانون توكيل للبيع للنفس أو للغير يعني ممكن بالتوكيل ده يبيع لنفسه كل الممتلكات وتبقى باسمه ودا اللي واضح في الأوراق المرفقة للتوكيل وممكن برضو يبيعها لأي حد 
عقل يوسف لم يكن قادرا على استيعاب ما يحدث كيف لوالده أن يفعل هذا وهو أكثر ما يعلم نوايا جاسر الخبيثة
مستحيل بابا يعمل كدا والتوكيل دا بالتأكيد مزور 
صاح بها يوسف غاضبا فأجاب شقيقه بصوت جهوري
قصدك إن أنا نصاب ومزور عيب يا يوسف دا أنا أخوك الكبير 
كانت رقية تتابع في صمت فهي كالجماد الساكن وعندما شعرت راوية أن الجدال سيحتدم بين الشقيقين صړخت قائلة
أبوكم لسه معداش على ۏفاته غير تلات أيام وأنتم بتتخانقوا على الورث!
سألها باستنكار لما يحدث
يعني عاجبك يا ماما راوية اللي ابنك بيعمله
عقب جاسر بسخرية وهو ينظر إلى يوسف بتشفي وانتصار
ماما راوية! أمك اللي أبوك اتجوزها على أمي ماټت وهى بتولدك واللي خلاك عايش في وسطنا وبيربطنا بيك خلاص ماټ واللي كنت منتظره في إعلام الوراثة خلاص بح كل حاجة بقت باسمي وحق أمي وأختي محفوظ عندي يعني من الآخر مالكش حاجة هنا غير
حبة الهدوم بتوعك تاخدهم وتتكل على الله 
الظلم والقهر من أشد الأفعال سوءا وأكثرها إيلاما للبشر فلا يوجد فعل أسوأ من سلب إنسانا حقا من حقوقه ولا بد من الوقوف في وجه كل من ينتهج الظلم والقهر على الآخرين فماذا يفعل الأخ إذا كان هذا الظالم أخيه
ازدرد يوسف غصة كمر العلقم أومأ إليهم وهو يهم بالرحيل من هذا البيت الذي أصبح كالكهف الموحش منذ أن رحل والده إلى بارئه فقال إلى شقيقه
أنا عمري ما أذيتك وكنت على طول بدور ليك على سبب واحد تكرهني عشانه لو عشان أنا ابن الست اللي أتجوزها أبويا على مامتك ده مش سبب مقنع أبدا الموضوع أكبر من كدا ودلوقتي فهمته أنت ما بتحبنيش عشان أنا عقدة حياتك على طول شايفني أحسن منك في كل حاجة لأنك إنسان حقود وأناني ونرجسي 
شوفوا الباشا بيشتم أخوه اللي أكبر منه بتسع سنين وفى بيته كمان!
كان صياح جاسر والذي أجاب عليه شقيقه بسأم من هذا الجاهل
أنا مش بشتمك يا أخويا يا كبير دي صفاتك وعيوبك عموما أنا همشي وهسيبك تعيش وتتهنى في حق غيرك والدنيا دوارة النهاردة ليك وبكرة عليك وافتكر كويس يوم ما الدنيا كلها تبقى ضدك أنا هابقى أول إيد تتمد ليك مش عشانك عشان أبونا

الله يرحمه سلام عليكم 
غادر على الفور فنهضت راوية التي اڼفجرت في البكاء وقامت بالنداء
استنى يا يوسف استنى يا بني بس نتفاهم 
أوقفها ابنها وقبض على رسغها يمنعها بنظرة لأول مرة يحدقها بها وكأن الشيطان بذاته يقف أمامها مما دب الړعب في أوصالها 
ابنك هو أنا وبس دا لو عايزاه يفضل عايش 
اخترقت كلماته روحها وأصابتها بالړعب تجاهه إلى هذا الحد أنجبت شيطانا رجيما!
جذبت يدها من قبضته وحدقت نحوه وكأنها ترى مسخا قائلة
كنت بكدب نفسي من زمان ودلوقتي اتأكدت إنك خلفة شيطان وإن ربنا كان بيعاقبني بابن زيك يا خسارة يا ابن يعقوب 
وقبل أن تذهب من أمامه بصقت على الأرض وعادت إلى غرفتها نهضت ابنتها وكانت تنظر إلى شقيقها بازدراء فسألها بسخرية
مش عايزة انتي كمان تقولي حاجة
أجابت
بحزن واستياء
أنا مشفقة عليك وصعبان علي ربنا سلط عليك اللي ألعن من الشيطان سلط عليك نفسك اللي هتخسرك كل حاجة 
عادت هي أيضا إلى
غرفتها وأصبح هو بمفرده مع المحامي التي زينت ثغره ابتسامة ثعلب ماكر قائلا
معلش دا تأثير الصدمة بس عليهم بكرة لما ياخدوا حقهم هينسوا نفسهم 
مشهد سابق 
في أول يوم بعد ۏفاة الحاج يعقوب جلس جاسر أمام مكتب المحامي ووضع أمامه حقيبة داخلها مبلغ مالي
دول اتنين مليون جنيه عشان تخلي التوكيل موثق ولو رفع يوسف قضية علي والتوكيل اتقدم للنيابة يلاقوه سليم مية في المية 
أومأ إليه المحامي مبتسما ثم نظر إلى التوكيل فسأله
دى فعلا بصمة الحاج وإمضته
حدق إليه جاسر بدهاء وأخبره
تم نسخ الرابط