رواية خطايا بريئة(الفصل الثامن والثلاثين إلى الأربعون) بقلم ميرا كريم
المحتويات
الغبي اللي كنت متجوزاه قبل ما امشي
إنصاعت له وما أن تحركت أمامه اعتلى جانب فمه ساخرا من تمنعها الواهي الذي جعله يتيقن أن لا شيء سيجدي معها سوى تلك الحيلة التي باشر في تنفيذيها حين أخرج من جيب بنطاله زجاجة بحجم الأصبع وحل غطائها لتظهر قطارتها ونقط بكأسها الذي سكبه للتو بضع نقاط وفيرة كي تسهل عليه نيل غرضه الدنيء منها.
أن يسيطر على ردة فعله ويفتح عينه يقلبها في كل ما حوله مشوشا ليرفع يده الواهنة ويجذب قناع التنفس و يهمس بتحشرج وبصوت ضعيف النبرات وبحلق جاف لم يسعفه إلا بنطق اسمها
نادين
الاربعون
هناك دوما ما اسمه الفرصة التي تعقب الفرصة الأخيرة ما بعد الأخيرة إنها الفرصة التي يمنحها لنا القدر يمنحها لسبب ما.
تقلصت معالمه وفتح عينه بتثاقل شديد ثم اغلقهم مرة ثانية ثم لبعض ثوان معدودة كرر المحاولة إلى أن استطاع اخيرا
أن يسيطر على ردة فعله ويفتح عينه يقلبها في كل ما حوله مشوشا ليرفع يده الواهنة ويجذب قناع التنفس و يهمس بتحشرج وبصوت ضعيف النبرات وبحلق جاف لم يسعفه إلا بنطق اسمها
نادين
حمد الله على سلامتك يا نضري
متقلقيش مريضكم فاق وشوية وهيطلع غرفة عادية وتقدرو تشفوه وتطمنوا عليه بنفسكم
رفرف قلبها وتهللت أساريرها وقبلت باطن يدها وظهرها حامدة وعيناها تزف فرحة نجاة ولدها
طرقات على باب الغرفة جعلتها تصدق على كلمات الله وتغلق كتابه العزيز وتسمح للطارق بالدخول لتندفع الممرضة ذاتها تبشرها
چوزك فاج يا بتي واول ما نطجنطج بأسمك
لم تستوعب وهبت من جلستها قائلة بنبرة مرتعشة غير مصدقة وهي على حافة البكاء
فاقبجد احلفي انا مش مصدقة
يابتي والله العظيم زي ما بجولك تعالي وهتتأكدي بعينك
الحمد لله... الحمد لله... الحمد لله...انا عايزة اشوفه وديني ليه الله يخليك...
هزت رأسها وسحبتها خلفها وما ان وصلوا لتلك الغرفة التي تم نقله بها وجدت ثريا تقف على اعتباها بوجه تكاد البسمة تشقه من شدة سعادتها قائلة
فاق يا بنتي الحمد لله ادخليله وانا هروح اتوضى واصلي ركعتين حمد وشكر لله
وحشتيني يا مغلباني
تسمرت بأرضها فور رؤيته و وضعت يدها على وجهها واخذت تهز رأسها بحركة هستيرية تدل على عدم تصدقيها تضحك تارة وتبكي تارة أخرى وكأنها فقدت عقلها من شدة سعادتها ...ف الله استجاب لدعواتها وابتهالها ومنحه القوة كي يعود لها.
.
ليهمس بأسمها من جديد
نادين...
ابتسمت من بين دمعاتها وهرولت باكية إليه كتلك الطفلة ذاتها صاحبة الضفائر التي تعودت أن تحتمي به وتحظي بالأمان بقربه.
فقد وقفت على بعد خطوة واحدة منه مضطربة لا تعلم ماذا تفعل أتقترب و أم ستؤلمه كانت خائڤة والشيء الوحيد الذي صدر منها انها كانت تطالعه وكأنها اخيرا وجدت ضالتها بنظرات صادقة تتلخص بها مزيج من لهفتها وعشقها واحتياجها وقلقها وخۏفها مما جعله يطمئنها بنظراته ويهمس بضعف
أنا كويس كفاية عياط
شجعها أن تقترب بمد يده لها لتتشبث هي بها وتجلس بجواره على طرف الفراش بحذر ليمد يده الأخرى يمررها بخصلاتها قائلا بصوت مبحوح من شدة الوهن
كنت خاېف مشوفكيش تاني
تمسكت بكلتا يداها بذراعه ثم مالت عليه واغمضتت عيناها وارتعش فمها و وضعت جبهتها على خاصته واخذت دموعها تنساب بغزارة حتى ڠرقت وجهه القريب معها ليرفع يده ويكوب وجنتها ويهمس بملامح متعبة وهو يمرر
إبهامه على وجنتها
بلاش دموعك بتقتلني...
هزت رأسها بطاعة وهي مازالت تسند
جبهتها على خاصته ثم فتحت عيناها تكوب وجنته كما يفعل هو و قالت بنبرة مخټنقة مټألمة نال منها العڈاب بما يكفي
انا مش مصدقة انك رجعتلي...أنا كنت ھموت من غيرك يا يامن...
همس بضعف وهو يتحامل بكل طاقته
بعد الشړ عليك يا قلب وروح يامن...
لتنكس نظراتها بخزي وتقول نادمة
اللي حصلك كان بسببي سامحني يا يامن علشان خاطري سامحني انا غلطت كتير في حقك وكنت غبية انا مستهلش حبك ومستهلش أي حاجة في الدنيا
تنهد مثقلا من حديثها الذي شعر انه استمع له من قبل وقال بعشق خالص لها
قولتلك قبل كده اللي يحب ميعرفش يكره ومبيعرفش غير يسامح...بلاش تأنبي نفسك وتحمليها فوق طاقتها
انا اكتشفت أنك انت محور حياتي و كل اللي ليا في الدنيا أنت حبيبي وجوزي وسندي وضهري وعزوتي أنا من غيرك ولا حاجة يا يامن...
اتسعت بسمته وتحدث مشاكسا رغم ما يجتاحه من وهن كي يزيح حالة الكآبة والحزن التي هي عليها
ياااه كان فين الكلام ده من زمان يعني كان لازم اتضرب پالنار علشان تعقلي وتكتشفي الاكتشافات العظيمة دي
انا لو اعرف كده كنت وصيت خالك يقوم بالواجب من زمان
ابتعدت برأسها وقالت من بين دمعاتها ببسمة عابرة
لسة رخم
مرر انامله على وجنتها يجفف دمعها وهمس بصوت مبحوح و بنظرة تفيض بمكنون قلبه المولع بها
بس بتعشقيني مش كده!
أكدت بعدما اندثر حزنها وتسللت الفرحة لتكسو تقاسيمها
اه كده واكتر من كده كمان
اتسعت بسمته مما جعل قلبها يتهاوى بين ضلوعها وهي تهيم به بنظرات صادقة مفعمة بما يعتمل في قلبها فقد تعانقت نظراتهم الوالهة كي يعوضون بها تلك الأيام العجاف القاسېة التي انهكت كل منهم لحين همس هو معاتبا وهو يتلمس بأنامله موضع بطنها
خبيتي عليا ليه
ابتلعت ريقها واستغربت معرفته بالأمر ليوضح هو
انا كنت حاسس بيك وسامع كلامك وكان نفسي ارد عليك واطمنك بس مكنتش قادر
ابتسمت بتنهيدة مثقلة و وضعت يدها فوق كف يده الذي يستقر على بطنها ثم اجابته بتلك الأفكار القديمة التي كانت ترسخ بها
كنت خاېفة ترجع علشانه مش علشاني
بس انا رجعت علشان روحي متعلقة بيك ومكنتش اعرف حاجة عنه...وانت
وضعت يدها على فمه راجية
بلاش تكمل...أنا اسفة والله اسفة... سامحني
مسامحك يا نادين ومش هتكلم في اللي فات...أنا بس عايزك تعرفي إني عمر ما في حاجة عرفت تغير حبي ليك
لتغيم عيناها من جديد وتقول بمشاعر صادقة وبنظرات تعدت العشق بمراحل عدة
كلمة بحبك متوفيش حقك اللي جوايا ليك اكبر من كده زمان مكنتش بستوعب لما بتقولي أنا نقطة ثابتة في ارضك لكن دلوقتي استوعبتأنت محور الكون بالنسبالي يا يامن ومش عايزة حاجة غير ابقى جنبك
لتتنهد مسهدة تحت نظراته االدافئة التي تفيض فيض بمكنونها وتوعده بوعد صادق تقسم أنها لن تخل به مهما حدث
إن دعيت ربنا ليل نهار أن ربنا يرجعك ليا و وعد مني ربنا شاهد عليه هعوضك عن كل اللي فات
كان قلبه يرفرف مع كل كلمة تخرج منها واكثر ما راقه بحديثها انه استشعر ندمها الصادق وادرك ايضا خۏفها أن تفقده بعد ما اصابه جعلها تتخلى عن تمردها وعنادها وكم تمنى أن يكون للأبد لذلك عقب على وعدها وهو يزم فمه ويدعي حسرته
اه بصراحة انا اتبهدلت كتير ومحتاج دلع... ليرفع سبابته ويعتلي حاجبه وهو يضيف
ولعلمك بقى انا اتكروت في الجوازة دي وده ميرضيش ربنا لينظر لها نظرة جريئة ذات مغزى اخجلها وجعل وميض تلك الليلة الجامحة يترأى امامها
دي مكنتش بروفة دي اللي مفيش تجارب بعدها
شهقت وهمهمت كي تتستر على خجلها
على فكرة أنت رخم... وقليل الأدب
قهقه هو على حرجها وتدرج وجهها لدرجة انه تأوه مټألما وعندما رأى لهفتها وخۏفها تحامل وشاكسها من جديد بقلة حيلة
والله انا كان نفسي ابقى معډوم الأدب زي ما وعدتك بس للأسف عندي وعكة صحية... اوعدك بعدها
يامن بطل
هبطل يا مغلباني
قالها ببسمة حانية وبتنهيدة مسهدة وهو يجذب رأسها
لو بنت هسميها غالية
ولو ولد هسميه برعي
شهقت ونكزته برفق بيده ليتأوه و يتدارك قائلا ببسمة واسعة
بهزر والله بهزر يا مغلباني
لتتنهد مبتسمة وتتشبث بذراعيه
رفضت إتمام عقد القران إلا عندما تتحسن ظروف صديقتها مما أثار حنقه وهاهي تحاول إقناعه قائلة بعدما حضر لمنزلها كما طلبت منه
يا حمود علشان خاطري مش هعرف ابقى مبسوطة من
غير نادين
تنهد وأجابها
انا مصدقت ابوك رضا عننا و وافق ومن يومها وانا بعد الايام وبعدين احنا أجلنا مرة و هي بنفسها طمنتك وقالتلك انه فاق و بقى احسن وكلها كام يوم ويخرج من المستشفى
بس انا مش هيهون عليا افرح وهي في الظروف دي
تنهد حانقا وهب واقفا يواليها ظهره دون أن يعقب بشيء لتقترب منه قائلة
حمود متزعلش... انت اكتر حد عارف أن من يوم قراية الفاتحة وانا عقلي طار وبعد الثواني والدقايق مش الأيام علشان ابقى ليك بس...
من غير بس يا ميرال اعملي اللي يريحك...
انا ماشي
حمود استنى .
لم ينصاع لها وغادر مما جعلها تدب الأرض تحتها ويحتل الحزن معالم وجهها وهي تشعر بحيرة لا مثيل لها.
سعاد متجننيش
قالتها رهف وهي تدور حول نفسها عبر الهاتف بعدما أخبرتها سعاد بتخمينها التي اصرت عليه مرة أخرى
مش يمكن يا رهف ليه لأ كل شيء جايز
توترت واجابتها
سعاد الله يخليك انا بكلمك افضفض معاك متعصبنيش بتخميناتك انا اصلا مش فكراه
اجابتها سعاد من الطرف الأخر
بس انا فكراه وفاكرة مامته هو مكدبش عليك وبصراحة كلامه ملوش معني تاني غير اللي قولتهولك يارهف
لترد بتوتر بالغ
وافرضي انا اعمل ايه يعني!
مش مطلوب منك تعملي حاجة غير انك تستنيه يكملك الحكاية هو مش قالك في كلام لسة مجاش وقته اكيد مستني فرصة مناسبة
انت عارفة اللي بتقوليه ده معناه ايه
عارفة...وبقولك الحياة مش هتقف...ويمكن ربنا جمع بينكم علشان يعوضك وانت بنفسك قولتيلي أنه ذوق اوي معاك و وقف جنبك اكتر من مرة ده غير انه شهم وجدع وتصرفاته كلها سوية يبقى ايه المشكلة
زفرت هي حانقة وقالت بنبرة مخټنقة بسبب انين قلبها
المشكلة فيا أنا ياسعاد حتى لو زي ما انت بتقولي بس انا معنديش استعداد اخوض تجربة تانية...حاسة إني متلغبطة وضايعة ومعنديش طاقة لأي حاجة غير لولادي ولنفسي وشغلي وبس
المشكلة مش فيك يا رهف أنت كنت الحد الصح مع الشخص الغلط... ونضال حد كويس ومفيش وجه مقارنة بينه وبين حسن
لتتنهد وتعبر عن هشاشتها التي تخالف تلك القوة التي لطالما تتحلى بها أمام الجميع
بس حسن استنفذ كل حاجة جوايا يا سعاد انا حاسة أن جوايا فراغ ومعنديش مشاعر ولا حاجة أقدر اقدمها لحد.
رهف علشان خاطري حاولي تدي لنفسك فرصة تانية الوقت كفيل يغير كل حاجة
تفتكري ممكن يا سعاد
اه ممكن والله انا متفائلة بس أنت فكيها كده وخلي الراجل يتلحلح ويتكلم ...عارفة والله انا عذراه تلقيه مړعوپ منك
متابعة القراءة