رواية خطايا بريئة(الفصل التاسع والعشرين إلى الواحد والثلاثين) بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

ودلوفه من باب الشقة قائلا بصوت جهوري مشاكس كعادته
يا كرملتي أنا جيت ومېت من الجوع ولو ملحقتنيش بلأكل هاكل حتة منك 
ابتلع باقي حديثه المشاكس لوالدته حين انتبه اخيرا لوجودهم ولاحظ تلك البسمات التي يكتموها ليفرك أنامله بين خصلاتها الشقراء ويتلعثم بحرج
أحم ايه الاحراج ده مش تقولي يا كرملة ان عندنا ضيوف
تدخلت سعاد مبررة
معلش بقى يا دكتور إحنا اللي كان مفروض نبلغكم قبلها
نفى بسبابته وقال برحابة شديدة وبوجه بشوش للغاية
لا انتو تشرفونا في اي وقت والله البيت نور يا مدام سعاد
قالها وهو يمد يده يصافحها 
لتصافحه سعاد وإن جاء دور رهف كانت تكاد ټموت بخجلها كلما تذكرت كونه حملها وشهد على تلك الحالة المريعة التي كانت عليها لذلك مدت يدها بحرج وهي تنكس نظراتها بتحفظ شديد دون حتى أن تبتسم بمجاملة لوهلة تجمدت خضراويتاه عليها قبل أن يهدر بأدب
نورتونا يا مدام رهف
شكرا
قالتها بإقتضاب شديد وهي تحث سعاد على المغادرة حتى أنها من شدة حرجها لم تنتبه أنها لم تشكره حتى أو تمدح شهامته حينها 
انصاعت سعاد لرغبتها قائلة
طب بعد اذنكم بقى علشان الولاد لوحدهم مع المربية وزمنهم طلعوا عينها
عاتبتهم كريمة بود
لسة بدري يا ولاد والله ما لحقتوا
معلش يا طنط تتعوض
وإن كادوا يصلون لباب الشقة قال نضال بتردد وهو يمسد بسبابته منحدر انفه بحركة ملازمة له حين يتوتر
مدام رهف أنا كنت حابب ابعت معاك حاجة ل شريف ممكن
تناوبت رهف نظراتها المرتبكة بينه وبين سعاد وردت 
حاجة ايه يا دكتور
أجابها وهو يبتسم بسمة بشوشة للغاية
هدية بسيطة أنا دورت كتير علشان ألاقيها وبتمنى تعجب شريف 
رفعت نظراتها التي لم يسكنها سوى الحزن مؤخرا وهدرت بإندفاع وبشراسة غريبة احرجته وجعلت بسمته تندثر بلا عودة
بمناسبة ايه تجبله هدية حضرتك أنا ولادي مش بياخدوا هدايا من حد
واسفة مش هقدر اخلي الولد ياخدها منك عن اذنك يا دكتور 
ذلك أخر ما تفوهت به قبل أن تغادر تاركة سعاد تعتذر بحرج خلفها
اسفة يا دكتور هي 
قاطعها هو بتفهم وبكل بساطة
عارف مش لازم تبرري يا مدام سعاد حصل خير
أومأت سعاد بحرج ولحقت بها بينما هو نظر لآثارهم بملامح لاتفسر جعلت والدته تبرر قائلة
معلش اعذرها يا بني اللي مرت بيه صعب على أي ست وڠصب عنها عايزة تحاوط على ولادها
تنهد هو واخبرها بصدق وبطيب نية
ماما انا مدوستلهاش على طرف
أنا بس حبيت الولد و صعب عليا وحبيت افرحه مش اكتر 
ربتت كريمة على كتفه بملامح يكسوها الحزن فهي تتفهم ذلك الشعور الذي يداهم ابنها عندما يتعلق الأمر بلأطفال لذلك لم تجد ما تواسيه به غير
ربنا يفرح قلبك يا نضال ويديك على أد ضميرك ونيتك أنا هروح احضرلك الغدا
تنهد وقال وهو يتناول يدها
تسلميلي يا كرملة وانا هغير هدومي واجي اساعدك
ليتوجه نضال لغرفته تارك والدته ترفع نظراتها للأعلى وتدعوا له بصدق وبقلب أم انفطر على حظ ولدها 
كنت قليلة الذوق اوي
هدرت بها سعاد بتوبيخ كي تؤنبها لتزوغ نظراتها وتتأفف
يووووه بقى يا سعاد انا مش غلطانة دول ولادي ومن حقي أخاف عليهم واقرر بالنيابة عنهم
بس الراجل مغلطش يا رهف ولا اتعدى حدود الأدب أنت احرجتيه جامد
سعاد افهمي شريف بيمر بمرحلة صعبة بعد انفصالي عن ابوه ومينفعش ابتلعت غصة مريرة بحلقها واستأنفت
تخيلي أن في الوقت اللي ابوه مبيسألش حتى عليه الدكتور ده قدر يحببه فيه من مرة واحدة و اقنعه انه موهوب ولازم يدرب ويسعى علشان يبقى بطل وخلى الولد يصمم ويعاندني ويلح عليا 
تنهدت سعادو واجهتها بشجاعة كعادتها
الولد موهوب فعلا يارهف وانت عارفة كده وكتير اتحايلتي على حسن أنه يسمحله يروح التدريبات وأنت بنفسك اللي قايلالي كده ليه دلوقتي بترمي على الدكتور أنه بيحرض ابنك ما يمكن بيشجعه من غير أي دوافع تانية
سعاد افهميني أنا 
حاولت التبرير ولكن سعاد قاطعتها بتفهم
عارفة أنك خاېفة على ولادك بس متخليش خۏفك عليهم يحبط احلامهم ويلغي شخصيتهم حاولي زي ما صلحتي اللي ابوهم زرعه فيك تصلحيه برضوا في ولادك شجعيهم وخليك حافز ليهم وبلاش تضيقي حسارك على أحلامهم بحجة خۏفك عليهم 
وبعدين الدكتور مغلطتش وبدل ما تشكريه احرجتيه جدا
بشكل ما وجدت حديثها منطقي لذلك تهدلت معالم وجهها وارتمت على اقرب مقعد وهي تشعر بالندم فيبدو أنها بالفعل مدينة لذلك الطبيب بالاعتذار ويبدو ايضا أن ما عانته مع ذلك الساخط غيرها لدرجة أنها تخلت عن مسالمتها واصبحت عدائية لا تراعي مشاعر أحد كما كان يفعل معها وحقا ذلك الشعور كان كفيل أن يجعلها تشعر بالخزي الشديد من نفسها  
عادت إلى قصر أبيها بعدما اطمأنت على صديقتها واوصلتها بنفسها لمنزل تلك السيدة الحنون وها هي تصعد درجات الدرج الداخلي وهي تجر حقيبتها معها في طريقها لغرفتها حين باغتتها دعاءقائلة بخبث لا مثيل له
اهلا اخيرا شرفتي يا ميرال هانم 
زفرت هي بقوة وتجاهلتها لتستأنف دعاء
السفرية حلوة يا ميرال يارب تكوني اتبسطتي مع اصحابك
تنهدت واجابتها ببسمة بالكاد ظهرت على ثغرها
اه يا دعاء كانت سفرية حلوة واتبسطت مع اصحابي 
ابتسمت دعاء بسمة صفراء تقطر بخبث مقيت وتهكمت
طب الحمد لله انا عايزة اشوفك مبسوطة بس يارب اصحابك اللي كنت معاهم ميبقوش اندال وميتحملوكيش ويسبوك زي كل اللي سابوك
اغتاظت من حديثها المبطن وتكونت غصة مريرة بحلقها من تهكمها الواضح لذلك هدرت بضيق
ولو عايزة تقولي حاجة قوليها من غير لف ودوران انا مبحبش طريقتك دي يا دعاء
اجابتها بمكر وهي تبتسم بسمة مستفزة للغاية
هلف وادور ليه يا ميرالانا بتمنالك الخير مش اكتر وخاېفة يخذلوك أصلك طيبة وبيضحك عليك
تنهدت بسأم من طريقتها التي تثير اعصابها وباشرت سيرها وهي تتعمد أن تتجاهلها لتباغتها الأخرى هاتفة من اسفل الدرج
اهم حاجة تكوني اتبسطتي وعشتي يومين
لتستأنف بسرها بنبرة تقطر بالحقد
قبل ما حسرك عليه وأجبره يسيبك زي كل اللي سابوك
أما في المساء كان هو يجلس في شرفته يحتسي مشروبه الساخن وهو يسترجع ذلك الموقف السخيف الذي وضع ذاته به فمن يصدق أن ذلك الوجه البريء المسالم تمتلك صاحبته كل تلك العدائية الغير مبررة فهو على يقين تام أنه لم يتعدى معها حدود الأدب بل كانت نواياه نحو الصغير بريئة وبدرت منه بصدق دون أي سوء
نية
نضالادخل يا حبيبي الجو برد عليك
قالتها كريمة بأهتمام بالغ وانتشلته من دوامة أفكاره يطالعها بأعين متسعة 
أش أش أش ايه الجمال ده يا كرملة اوعي تكوني بتستغفليني ونازلة تقابلي والله اتبرا منك
قالها بمشاكسة مما جعل كريمة
تقهقه فور حديثه وتبعت قولها بضړبة خفيفة من يدها على ساقه
اختشي هو في راجل يملا عيني بعد ابوك
ضيق خضراويتاه قائلا بنبرة عابثة
سيدي يا سيدي اوعدنا يارب
يارب يا حبيبي يفرح قلبك ويوعدك ببنت الحلال
نفى برأسه وعارضها مشاكسا
لا توبة يا كرملة أنا جربت حظي مرة والحمد لله على كده
احتل الحزن معالم وجهها عندما تذكرت إصرارها عليه ومعاناته السابقة وهمهمت بأسى
يا عالم يا ابني ده النصيب وملناش يد فيه وبعدين ده انت لسة في عز شبابك وألف واحدة تتمناك 
حانت منه بسمة باهتة و أجابها بسخرية من نفسه قبل أي شيء أخر 
الألف واحدة اللي بتقولي عليهم يا امي اكيد مفهمش واحدة هتقبل تربط مصيرها بواحد زي
غامت عين كريمة وهونت عنه
وأنت بإيدك أيه ده كل شيء بتاع ربنا وبعدين أنت ولا أول راجل كده ولا أخر راجل
تنهد بعمق وهو يرثي حاله ثم قال برضا تام
الحمد لله يا كرملة قوليلي بقى متشيكة
كده ورايحة فين
ابتلعت كريمةغصه بحلقها واجابته بشيء من التردد
أصل خالتك كلمتني وزعلانة علشان من ساعة ما أنت رجعت من السفر مزورتهاش تلعثمت وترددت لثوان قبل أن تخبره ولكن هو حثها بعينه أن تستأنف لتتشجع وتقول وهي مطرقة الرأس
هاجر ولدت وعاملين السبوع النهاردة وخالتك عايزاني معاها
تعلقت خضراويتاه بها لثوان ثم ابتلع غصته وأجابها
طب وايه المشكلة مهما حصل بيني وبين بنتها هتفضل هي اختك ولازم توديها
يعني أنت مش زعلان يا ابني
نفى برأسه وهمهم بإقتناع وبطيبة طالما كانت من شيمه
ابدا هاجر بنت خالتي قبل ماتكون طلقتي ومن حقها تبني حياة جديدة تكون مرضية ليها ولقناعتها هي طلبت الطلاق علشان ده حقها وأنا احترمت رغبتها وانفصلنا بهدوء ومتهيألي خلاص صفحة واتقفلت في حياتنا احنا الاتنين وهي تخطيتها ولازم أنا كمان اتخطاها 
ربنا يهنيها ابقي باركلها بالنيابة عني
ربتت كريمة على كتفه وقالت داعية
ربنا يجبر بخاطرك يا بني ويعوضك خير
يارب يا ست الكل يلا قومي علشان متتأخريش وانا شوية كده وهروح ل سليم اسلم عليه قبل ما ينفذ قرار نقله اسكندرية
تمام ياحبيبي ربنا معاك
لتغادر والدته تاركته يتنهد بعمق كي ينفض تلك الذكريات القاسېة التي جمعته بأبنة خالته عن رأسه فقد عاهد ذاته أن يكتفي بذاته وينشغل بعمله و بوالدته خير له أن يجور على حق أنثى أخرى ويكون سبب في حرمانها من أبسط حقوقها  
عادت بها لمنزلها وها هي تجلس فوق رأسها تمسد خصلاتها حتى ڠرقت في النوم بعد نوبة بكاء مرير ألمت قلبها وجعلت ضميرها يقرع ولم يرأف بها ولكن يعلم الله أنها فعلت ما بوسعها كي تتمكن أن تعود لها وتمنع عنها حدوث الأسوء زفرة قوية أزاحت بها انفاسها الحانقة التي كانت تجثم على صدرها وهي تعود بذاكرتها لذلك اليوم المشؤم 
واحداثه المريعة 
فقد كانت تجلس يأكلها القلق تنتظره بالشرفة وتحاول مهاتفته للعديد من المرات ولكن بلا جدوى وبعد مرور الكثير من الوقت قفز قلبها هلعا عندما رأته يدلف للمنزل بخطوات ؤيده يجر جسده جر إلى الداخل هرولت له هاتفة
يا لهوي في ايه يا بني ايه اللي حصل فين نادين ومين عمل فيك كده بالله عليك اتكلم انا هيجرالي حاجة من كتر قلقي
لم يجيبها بل دلف لداخل المنزل و ارتمى على اقرب مقعد قابله منكس يحيط رأسه بكفوف يده بإنهزام تام وكأنه كهل تكاثرت عليه نوائب الدهر
تبعته ثريا وكررت بقلب منقبض
رد عليا يا بني ايه اللي حصل
و مين اللي كلمك وفين مراتك
مراتي 
همس بها پضياع وبمرارة وبعيون فارغة اندثرت بها الحياة فكان مع كل حرف بتلك الكلمة ينغرس سکين ثلم بقلبه ويذكره بكبرياء رجولته التي أهدرته هي بكل جبروت 
كررت ثريا برجاء
يا ابني الله يخليك اتكلم انا قلبى مش مستحمل مراتك فين ومين عمل فيك كده
حانت منه بسمة مټألمة لأبعد حد واجابها بكل سلام وكأن ما تفوه به هو المنطق بحد ذاته
طلقتها 
لطمت ثريا أعلى صدرها وصړخت به
يا لهوي انت بتقول ايه
تطلقها ازاي ده فرحكم بعد كام يوم ليه يا ابني حرام عليك 
هنا صړخ بهياج و تأهبت كافة
حواسه وكأن ذلك البركان الثائر بداخله تفاقمت حممه واڼفجرت
تم نسخ الرابط