رواية خطايا بريئة(الفصل الحادي عشر إلى الثالث عشر) بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

دون أي تعمد وجدت ذاتها تهيم به وتلك النبضة العاصية بقلبها يزداد وجيبها استكانت ملامحه حين ألتقط نظراتها ووجد ذاته يغوص بدفء عيناه بليل عيناها المشتتة وكم تمنى أن يرى بصيص أمل بداخلها ولكنه كان كالغريق الذي يظن أن نجاته تعتمد على المعافرة و قدرة تحمله على الصمود
دام ذلك التواصل البصري لعدة ثوان كانت كفيلة أن تجعل ذلك الصخب الذي يعتمرها يسكن ويهدأ تماما حتى انها وجدت ذاتها تصرح له دون أي تفكير مسبق 
تعرف إني مبقتش أخاف منك
حانت منه بسمة حالمة وأجابها بنبرة صادقة للغاية 
آسف لو اتعمدت اخوفك قبل كده كان غرضي أخليك تتمسك بوجودي جنبك وتحسسيني إني الوحيد القادر على حمايتك
صدقيني ڠصب عني ببقى عايز أطمنك بعديها وأخبيك بين طيات روحي جنب قلبي وأحميك حتى من نسمات الهوا اللي بتعدي جنبك أنت الروح لروحي يا نادين و وجودك جنبي دليل على حياتي
كانت تستمع له بعيون لامعة وقد لامست كلماته الصادقة شغاف قلبها وزعزعزت قناعتها بكل براعة وحينها دق ناقوس الخطړ وأعلن عن بدء تلك الحړب الضارية بين قلبها وعقلها ولكنه لم يمهلها الوقت لذلك 
انتظر أن تتفوه بأي شيء من أجل أن تخلد تلك اللحظات بذاكرته ولكن طال صمتها مما جعله يهدر بمشاكسة وهو يأخذ قطعة كبيرة من الحلوى ويدسها بفمها 
مش هتنطقي ولا ايه فين لسانك السبعة متر دلوقتي يا مغلباني
لملمت شتاتها وتناولت نفس عميق كي تحفز ذاتها ثم خرجت من بمكر وهي تستمتع بذوبان السكر بفمها قائلة وهي تتناول قطعة أخرى بتلذذ غير عادي 
كلته القطة يا رخم و قوم بقى جبلي واحد تاني
قهقه من جديد وقال وهو يمط فمه 
طفسة
رخم
قالتها ببسمة مشاكسة وهي و كي ينهض عن المقعد و هو كف على آخر وتتعالى صوت ضحكاته فرغم أنها ستتم الواحد وعشرون بعد أيام معدودة إلا أنها مازالت بمشاكسة تلك الطفلة ذات الضفائر الطويلة التي أحبها منذ أن سقطت عينه عليها.
بينما هي أخذت تتناول الحلوى بتلذذ لا مثيل له مستمتعة بتلك اللحظات التي تظنها لم تؤثر بها ولن تجعلها تحيد عن ما برأسها
الثالث عشر
أنا دائما أستغني فلا تثق بي أبدا مهما بدوت لك مهتم فإن يدي لا تلوى وقلبي لا ېهان وأنا لا أسقط فلا تراهن على قلبي أبدا.
نيرو
اتكلم يا حسنيمكن ترتاح وتريحني ...
زفر بقوة وأزاح الغطاء عنه وقال وهو يسحب علبة كي واحدة منها 
عايزاني أقول ايه ما انت طلعتي عارفة كل حاجة وروحت هددتيها ومعملتيش ليا أي اعتبار
ابتلعت غصة مريرة بحلقها من تبجحه وهدرت محتجة 
أنت جوزي وانا مأجرمتش أنا كنت بدافع عن بيتي وعنك
صدر

من فمه صوت ساخر ينم عن سخطه وهدر متبجحا وهو يطفئ سيجارته بالمنفضة اعلى الكومود ويهب واقفا 
انا كنت خاېف تعرفي لكن طلعتي خبيثة وعارفة وبتمثلي عليا و بعد عملتك دي خلتيني أصمم اكتر
برقت عيناها وعاتبته بإنفعال مغلف بخيبة أمل 
يعني ايه !ده بدل ما تعتذر وټندم على خېانتك ليا
أجابها بثقة عارمة بذلك المبرر الواهي الذي يظنه يبرئ خطيئته وهو يلوح بيده امام وجهها 
أنا مخنتكيش انا بحبها...بحبها يا رهف وهتجوزها علشان مش هعرف اعيش من غيرها واظن ده شرع ربنا وحقي
نزل حديثه عليها كالصاعقة ورغم أنها كانت تضع احتمالات عدة لردود فعله ولكنها لم تتوقع قط أن يخبرها بكل تبجح أنه يحب آخرى مما جعلها تثور قائلة 
و أنا مفكرتش فيا
أنت مالك...زي الفل ومفيش حاجة ناقصاك...
صړخت به بعصبية مفرطة 
ناقصني انت يا حسن...ليه تخلي واحدة تانية تشاركني فيك...
أجابها باقتناع تام هيأه شيطانه له 
افهميني أنا مقدرش استغنى عنك ولا عن ولادي بس هي حاجة تانية...
نفت برأسها ووضعت يدها على اذنها ترفض ما تسمع وكأنها بأسوء كوابيسها لتصرخ معاتبة پقهر 
بس انا مقصرتش معاك في حاجة
مقولتش أنك مقصرة
لملمت شتاتها قدر المستطاع كي لاتنهار أمامه وتهدر المتبقي من كبريائها الذي دهس تحت قدمه وقالت كمحاولة أخيرة منها كي تقنعه يحيد عن ما برأسه 
فكر في ولادك وفي البيبي اللي جاي في السكة بلاش تهد الكيان اللي ببنيه من سنين... صدقني دي وهتعدي 
نفى برأسه بعدم اقتناع وقال بيأس دون أن يراعي وطأة كلماته الطاعنة عليها 
مش ... انا حاولت اسيبها وابعد لكن مقدرتش
ليكوب وجهها الشاحب بين راحتيه ويقول وكأنه بذلك يطمأنها غافل كونه طعنها لتوه پسكين ثلم 
صدقيني مفيش حاجة هتتغير...هبقى معاك ومع الولاد مش هتحس بفرق وهعدل بينكم
حقا ستعدل بيننا يا لك من رحيم عطوف أيها الخائڼ أتظن أني سأقبل بفتاتك التي سوف تمن علي بها... لا... وألف لا
ذلك ما كان يدور برأسها عندما
نفضت يده وهدرت بشراسة لم تكن ابدا تعرف إنها تكمن بداخلها 
أنا مستحيل أقبل بوضع زي ده
زفر بنفاذ صبر وأخبرها بإصرار مقيت 
و انا مش هتردد و خدت قرار ومش هرجع فيه
امسكت مكان خافقها الذي يعتصر بين ضلوعها من إصراره المقيت ذلك وقالت بتماسك رغم الوهن التي تشعر به 
قرارك ده هيخسرك كتير اوي يا حسن
لتترك الغرفة وتتوجه لغرفة أطفالها بينما هو لوح بيده يستهتر بوعيدها غافل أن زوجته ليست بضعيفة ولا ساذجة كما يعتقد هو...هي فقط تتهاون من أجله ومن أجل اطفالها مما جعله يظنها لقمة صائغة غافل أنه بإصراره ذلك أظهر شخصيتها الدفينة التي كانت تتوارى خلف رداء الطاعة والولاء له
صباح الخير
قالتها هي ببهوت أصبح ملازم لها وهي تشرع بركوب السيارة بعدما ألح عليها بلأمس أن تخرج من عزلتها أبتسم هو وألتفت برأسه لمقعدها قائلا بتشجيع بث بها السرور 
صباح الفل على عيونك...الحمد لله انك اقتنعتي أخيرا وخرجتي
ليعتدل في جلسته ويسألها بترقب وهو يشعل موقد السيارة 
هااا على فين العزم حضرتك
مطت فمها وأخبرته بعفوية 
محمد احنا بقينا اصحاب شيل التكليف لو سمحت وناديني بأسمي
أبتسم من ذلك اللقب التي تطلقه على تقربهم فهو إلى الأن غير مقتنع كونه عكس ما تربى عليه فداخله قيم راسخة أن لا يجوز تقارب رجل وامرأة تحت مسمى صداقة
ولكن يقسم أنه لا يعلم ما حل به ولا يود أن يجد تفسير الأن غير شيء واحد فقط هو كونه وعدها بالمساعدة ولابد أن يفي بوعده وليست شفقة منه عليها بتاتا بل بدافع نخوته وشهامته ك رجل
محمد سرحت فى ايه
انتشلته من مداهمة أفكاره ليتحمحم يجلى صوته الأجش قليلا ويرد 
معاك يا ميرال
تنهدت بعمق وصدى جملته يتردد بعقلها ورغم بساطة كلماته إلا أن تأثيرها كان يستقر في أعماقها ويشعرها براحة عارمة وإن لاحظت نظراته المترقبة عبر المرآة قالت بنبرة هادئة 
عايزة أروح النادي
مفيش جامعة النهاردة
باغتها بسؤاله لتنكمش معالم وجهها وتجيبه باقتضاب بعدما تذكرت مشادتها مع طارق وما سينتج عنها من همهمات وقصص واهية هي في غنى عنها 
لأ مش هروح
لاحظ ما أصابها ولكنه لم يريد أن يضغط عليها في معرفة السبب الحقيقي لرفضها يعلم انها ستخبره ولكن من ذاتها ولذلك قال بلطف وهو ينطلق بها 
اللي يريحك
استعد للذهاب إلى عمله بمزاج عكر للغاية بسبب مواجهته لها الليلة الماضية لوهلة شعر ببعض تقريع الضمير ولكن ذلك لم يغير شيء من قراره تجمدت نظراته وهو يراها مشرقة ككل يوم تجلس على طاولة الطعام وتطعم أطفالها بحنو شديد وهي تقص لهم أحد القصص الخيالية لتشجيعهم على الطعام أبتسم دون شعور فهي دائما تخالف توقعاته فقد ظنها ستحزن وتكتئب وستنقم عليه ولكنها ابهرته بثباتها وجعلته يظن أنها قد أذعنت لرغبته كما توقع انتشله صوتها الناعم وهي تهتف برحابة 
صباح

الخير يا حسن
ابتلع ريقه بحلق جاف ثم أجابها بتلعثم 
صباح.... النور
بااابي
صړخ بها أطفاله وهم يركضون إليه لينحنى لمستوى كل منهم ويحتضنهم قائلا بحنو 
قلب بابي وحشتوني
لترد شيري پغضب طفولي 
أنت كمان يا بابي بس أنا زعلانة منك علشان مشغول علطول ومش بتخرجنا ولا بتلعب معانا
سايرها حسنوهو ينظر ل رهف كي تلاحق الموقف معه وتدافع عنه أمام اطفاله كما تفعل دائما ولكنها تجاهلت نظراته وظلت على ثباتها المستفز بالنسبة له تدعي انشغالها بتناول الطعام 
حاضر اوعدك هنخرج وهنعمل كل اللي انتوا عايزينه
ليعقب شريف 
أسكت أنت ......علشان انا هقول لبابي حاجة مهمة
اشرأب حسن برأسه ليهمس شريف بإذنه 
جبتلي اللعبة اللي وعدتني بيها يا بابي
اغمض حسن عينه بأسف وقال معتذرا 
نسيت...معلش اوعدك او ما افضى هجبهالك علطول
يبقى عمرك ما هتجبها
قالهاشريفبنزق وهو يمط فمه و بينما شيري اكتفت بنظرة مستاءة له جعلت وجهه يشحب و يتناوب النظرات بينهم ويعجز عن الرد لثوان قبل أن تهتف هي 
يلا يا ولاد هنتأخر على bus المدرسة
وقبل أن ينصاعوا لها ويحملون حقائبهم ويتبعوها قال شريف وهو يطرق رأسه بأسف 
أنت مش بتحبنا يا بابي
شعر بغصة تتكون بحلقه وهو ينظر لأثرهم وحقا شعر بالخزي من نفسه.
انا عارف أنت بتحاولي تعملي ايه
انت ازاي خبيثة كده...تقومي الولاد عليا علشان تحسسيني بالتأثير وأرجع في كلامي
هزت رأسها بنفي قاطع وصړخت بوجهه بشراسة لم يعتادها منها 
انا مش عايزاك ترجع في قرارك بس من هنا ورايح أنت مجبر تتحمل نتيجة افعالك لوحدك...
لتتركه وتدخل غرفتهاوتغلق بابها بوجهه ليزئر هو پغضب ويزيح الأطباق التي أمامه بيده محدث ضجيج أجفلها من موضعها ثم يغادر منزله وهو يصطحب معه مزاجه العكر
داعب انفها رائحة عطره الممزوجة برائحة القهوة الشهية التي يعدها خصيصا لها كل صباح لترمش عدة مرات لتجده يجلس بالمقعد المجاور لفراشها يتأملها كعادته لتقول هي بمشاكسة ممزوجة ببعض الغرور 
خدت عليا وعلى أوضتي اوي حضرتك
أبتسم وأجابها وهو يجلس بجانبها و يزيح خصلاتها المبعثرة عن وجهها 
هتوحشيني
رفعت عيناها له وتسألت بترقب وهي تعتدل وتجلس تستند على جذع الفراش 
مسافر
أومأ لها بقلة حيلة وأخبرها وهو يناولها كوب القهوة الممزوجة بالحليب خاصتها 
كلموني الصبح في توريدات جديدة ولازم أبقى موجود واستلمها بنفسي...
ليتنهد بعمق ويقول ببحة صوته المميزة التي تشتتها وجعلتها تكاد تغص برشفتها 
خلي بالك من نفسك يا مغلباني
احتمال اتأخر المرة دي ومش هعرف هرجع أمتى
سعلت بخفة ثم وضعت الكوب أعلى الكمود وتعلقت عيناها به وتلك النبضة العاصية بقلبها يزيد وجيبها لتجد ذاتها دون أي تفكير مسبق وعلى غير عادتها تجذب يده بين راحتها وتقول بصدق لا تعلم كيف صدر منها 
هتوحشني 
تهللت أساريره وهو ينظر ليدها وهمس بعدم تصديق 
بجد هوحشك
هزت رأسها وهي تتحاشى النظر له 
بحبك يا نادين ... بحبك يا روح روحي ولو عليا نفسي ما فرقكيش لأخر يوم في عمري
تلك المرة الأولى التي يقولها صريحة لذلك الحد فسابقا كان يلمح أو يذكر تشبيه مجازي لمشاعره ولكن الآن قال تلك الكلمة التي استقرت بأعماقها وزعزعت كافة قناعتها وجعلت مقاومتها تتلاشى وقبل أن ېصرخ عقلها سبقه قلبها
إياك! أن تطلب مني الصمود أيها العقل فتلك النبضات العاصية تورق سكينتي ولم أعد أحتمل ضجيجها حتى حصوني التي شيدتها
تم نسخ الرابط