رواية خطايا بريئة(الفصل الثامن إلى العاشر) بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

بسمة ساخرة وردت بنبرة ممزقة 
اللي يشوف كده يقول إنكم قلبكم عليا .....
كانت تكبت دمعاتها بصعوبة بالغة ولكنها بطبيعتها القوية هدرت بوجهه دون أي لباقة 
اطلع بره وسيبني لوحدي
لا يعلم لم لم ينصاع لها 
عيطي يا نادين يمكن ترتاحي
دفعته وارادت الخروج من بين يده ولكنه لم يعطيها فرصة 
اهدي .....علشان خاطري .....انا جنبك انا عارف ان انا أخر واحد في الدنيا عايزاه جنبك بس والله مش هضايقك ........ أهدي ...
استكانت بين يده وأجهشت پبكاء مرير جعله يمسد على ظهرها صعودا وهبوطا بطريقة حانية جعلتها تغمغم من بين دمعاتها 
النهاردة ذكرى ۏفاة ماما .....أنا عايزة اروح ازورها
زفر بضيق شديد وظل يلعن نفسه ربما للمرة الألف فكيف غفل عن ذلك اليوم وهو يعلم أهميته بالنسبة لها 
ليخرجها من بين يديه ويمسح دمعاتها بأطراف انامله قائلا بأسف حقيقي
الله يرحمها .......حقك عليا والله نسيت ....هخدك دلوقتي ونزورها وهعملك كل اللي انت عايزاه بس بلاش أشوف دموعك دي تاني
أومأت له باكية بينما هو لم يتحمل رؤيتها هكذا 
دموعك بتقتلني يا نادين ..... انا عمري كله فدى دمعة واحدة من عينك .....أهدي و انا والله مش هضغط عليك تاني ولا هضايقك .......
أنا مقدر حزنك .....بس صدقيني البكى مش بيرجع اللي راح
هزت رأسها بحركة بسيطة ودمعاتها مازالت تنسل على وجنتها تستغرب ذلك الشعور التي لأول مرة يراودها 
هستناك برة عقبال ما تجهزي
اومأت له بطاعة يعشقها منها ليبتسم بسمة حانية و و ينهض ويغادر لتظل هي تنظر لظهره بنظرات هي نفسها لاتعلم مكنونها ولكن كل ما تعلمه انها شعرت براحة غريبة بين يديه وبراحة أكبر من احتوائه لها وتفهمه سبب خروجها عن طورها .
نورتي يا ماما ثريا والله
قالتها رهف مرحبة بتلك السيدة الحنون التي أتت خصيصا لكي تطمئن عليها ولكن رهفبطبعها اخبرتها ان كل شيء على ما يرام مما جعل ثريا تتسأل مشككة 
يا بنتي اتكلمي انا زي أمك وقلبي واكلني عليك ده انا ما صدقت يامن خد
نادين وخرجوا علشان أجيلك
أبتسمت رهف ببهوت وأخبرتها وهي تناولها كوب العصير التي حضرته من أجل ضيافتها قائلة ببعض التردد وعدم ثقة زرعها بها 
متحرمش منك يا ماما كل الحكاية بس أن حسن متغير .......
شهقت ثريا وتساءلت بتوجس
شوفتي عليه حاجة!
هزت رأسها كونها لا تملك جواب قاطع رغم العديد من المواقف التي أثارت ريبتها نحوه ولكن لا يوجد لديها دليل قاطع يدينه قطع صراع عقلها سؤال ثريا من جديد 
انا عارفة انك عاقلة يا بنتي ومش عايزة تخربي بيتك بإيدك بس فضفضي يمكن ترتاحي .....ده انت خاسة النص و وشك أصفر زي اللمونة
أبتلعت رهف ريقها بحلق جاف وأصرت على موقفها كي لا تضعه بموقف سيء أمام خالته قائلة بثبات مصطنع
لو في حاجة كنت انت أول واحدة قولتلها .....انا بس تعبانة شوية وفي دوخة غريبة كده بتجيلي
شهقت ثريا بقلق وقالت معاتبة 
طب مستنية ايه لازم تكشفي وتعرفي فيك أيه انا بكرة الصبح بعد ما توصلي الولاد هاخدك واخلي الدكتور يطمني عليك
أومأت رهف بامتنان حقيقي فكم اسعدها اهتمامها وقلقها الذي لم يخصها أحد به قط منذ ۏفاة اهلها 
ربنا يخليك ليا مش عارفة من غيرك كنت عملت ايه
تنهدت ثريا وهي تربت على خصلاتها بحنو قائلة بنصح
اسمعي مني يا بنتي محدش هينفعك هو اه حسن ابن اختي بس ميستهلش تهملي نفسك بسببه لازم تاخدي بالك من صحتك محدش هينفعك
هزت رهف رأسها بتفهم 
اهلا يا خالتي ايه المفاجأة الحلوة دي والله وحشاني
زغرته ثريا ثم لوت شدقيها وقالت معاتبة 
المفروض الصغير هو اللي يسأل على الكبير مش العكس يا ابن اختي
تحمحم وبرر وهو يجلس بجوار رهف يحاوط كتفها

بلطف مخالف لحالته السابقة 
حقك عليا والله مشغول وعلى أخري المشروع لازم أسلمه كمان كام يوم هي رهف مقالتلكيش أن طالع عيني ولا ايه!
كانت جملته الأخيرة بمثابة معاتبة صريحة لها كونها لم تغطي عليه كعادتها مما جعلها تهدر بدفاع تؤيده وكانها مبرمجة على فعل ذلك
اه فعلا كان مشغول اوي معلش اعذريه
أومأت ثريا بمسايرة وحستها بعيناها أن تتركهم لحالهم وبالفعل نهضت قائلة وهي تنظر لساعة يدها 
انا هنزل استنى الولاد تحت البيت الباص زمانه على وصول
وما أن غادرت قالت ثريا بحدة دون أي تهاون 
اسمع يا ابن اختي من غير لف ولا دوران ............مراتك أصيلة وبتحبك اتقي الله فيها وارجع لعقلك
ابتلع رمقه بوجل وتسأل بعيون زائغة 
هي اشتكت ليك
نفت ثريا وقالت مدافعة 
انت عارف انها كتومة ومش بتتكلم بس انا اللي مش عاجبني شكلها مطفية كده على طول سرحانة حتى الكلام بيطلع منها بالعافية
زفر بارتياح قائلا بسخط
هي مهملة في كل حاجة حتى صحتها مترميش اللوم عليا يا خالتي
وضعت ثريا يدها على فمها بغير رضا وهدرت منفعلة تنهره 
مهملة ازاي يعني ده جزاتها أن بيتك وعيالك زي الفل دي قايدة صوابعها العشرة شمع لجنابك وانت ولا مقدر
بلاش تتحاملي عليا يا خالتي الله يخليك انا مش ناقص ويعلم ربنا أنا مش مقصر معاها في حاجة واللي بتطلبه بيجلها
مش بالمجايب مراتك عمرها ما كانت مادية واظن انت اكتر حد عارف ده هي محتجاك انت تشاركها وتقرب منها دي ملهاش غيرك ولازم تكون أحن واحد في الدنيا عليها وتحتويها وتساعدها في مسؤولية عيالك
تأفف هو وقال بنبرة ساخطة وبفكر رجل شرقي مازال متمسك بعرفية أفكاره
والله انا راجل ومش فاضي للملل ده انا كل اللي عليا أجيب فلوس وألبي كل طلباتهم وبعدين هي مش بتعمل حاجة زيادة لا ليا ولا لعيالها ده واجبها وشغلها المفروض عليها والستات كلهم بتعمل كده المفروض تحمد ربنا
تنهدت ثريا وهي تشعر بالغيظ من تفكير ابن شقيقتها العقيم لتهدر بجدية شديدة
صوابعك مش زي بعض وأنت مش عارف قيمة النعمة اللي في ايدك مراتك أصيلة و راضية ومفتحتش بؤها بكلمة علشان بتحبك بس يا ابني الواحدة مننا ليها طاقة و تقدر تغفر كل حاجة في الدنيا إلا الخېانة
هب واقفا بتوتر بالغ ألتقطته ثريا فور قولها وجعلها تتيقن أنه مذنب لا محالة خاصة عندما قال بعيون زائغة
أنا مش بخونها ويوم ما هفكر اعرف واحدة عليها هيبقى بالحلال
شعرت ثريا بوخذة بقلبها من حديثه وترأى أمام عيناها حياتها السابقة ومصير غالية الذي إلى الآن تشعر بالأسى عليها لتقول بنبرة حزينة وعيون غائمة على أثر تلك الذكرى البعيدة 
وساعتها يبقى ليها حرية الأختيار يا تقبل يا ترفض تكمل معاك وصدقني حتى لو كان بعلمها وبرضاها في الحالتين هتكون خسرتها ومش هتستحمل تشوفك مع غيرها
احتدت عينه من حديثها الذي لم يروقه بالمرة ولكنه على اقتناع تام انها لا تستطيع تركه مهما فعل ستتقبل خطيئته التي يظنها بريئة مبررة ومباحة له ولا يحق لها الاعتراض ولكن ماذا إن تركته هل سيتقبل هو ذلك حقا لم يفكر في ذلك الاحتمال من قبل
انتشله من شروده قولها بتحذير قبل ان تهم كي تغادر 
أوعى تفتكر انها ملهاش حد وأنها ضعيفة تقدر تكسرها لأ أنا أول واحدة هقف في وشك وصدقني وقتها هتبقى أنت الخسران
ذلك آخر ما تفوهت به تاركته متخبط يلعن تحت انفاسه ويجلس وهو يمرر يده بخصلاته الفحمية في عصبية شديدة فهي نجحت وبشدة في أن تسربل شيء من التردد وربما الرهبة في نفسه بعد حديثها 
كان يطالعها بعيون حزينة وهي تذرف الدمعات أمام قبر والدتها و تشكوا لها بالكثير تعمد أن يبتعد قليلا ليترك لها مساحتها الخاصة ولكن رؤيتها مڼهارة هكذا يفقده صوابه لا يتحمل دمعاتها ولا هوانها ذلك بل تعود عليها متمردة قوية سليطة اللسان انتشله من شروده صوتها المخټنق أثر البكاء 
انا خلصت ممكن نمشي
هز رأسه لها ببسمة دافئة وألتقط يدها برفق تحت نظراتها المشتتة وسار بها للخارج لتغمغم هي بعد صعودهم للسيارة 
أنا عايزة أروح
نفى برأسه وقال وحبات القهوة خاصته تشملها بدفء واحتواء لا مثيل له
لأ اليوم بتاعك اطلبي اي حاجة وانا انفذها من غير جدال
حانت منها بسمة عابرة وسألته بترقب 
أي حاجة.... أي حاجة 
هز رأسه بتأكيد لتسترسل هي بمكر وكأنها تبدلت لتوها لتلك المتمردة من جديد 
عايزة عربية انت عارف ان بابا كان معلمني السواقة
ابتلع غصة بحلقه وهمهم بعدم اقتناع 
بس انا بخاف عليك يا نادين ومش.......
قاطعته هي 
هاااااا أنت وعدتني من غير جدال
تنهد بعمق ومرر يده على ذقنه قائلا بعدما تذكر نصيحة والدته
مش هخلف وعدي بس ليا شروط
ضحكت تلك الضحكة الآثرة للقلوب وصفقت بحماس جعل

قلبه يتراقص على صخبها قائلة بمكر وبعيون لامعة 
أخيرااااااااا ....... انا موافقة والله على كل شروطك بس انت نفذ
هز رأسه وابتسم ببشاشته المعهودة وهو ينطلق بسيارته إلى أقرب معرض للسيارات كي يلبي طلبها بينما هي ظلت طوال الطريق تسترق النظرات له و تجاهد تلك النبضة العاصية بقلبها التي تنبأها بشيء لطالما تخوفت منه وتكاد ټموت قهرا إن حدث.
رهف ..........رهف أنا عارف إنك سامعاني ومبتعرفيش تنامي قبلي ليتردد قليلا ثم يقول بتقطع وكأنه يمن عليها باعتذاره 
أنا.........آسف
رفرفت هي بأهدابها تؤكد له يقينه وابتسمت بسمتها الناعمة التي رغم بهوتها الآن إلا أنها تجعله يشعر أن العالم خلى من كل مصائبه ولم يتبقى غير ربيعها و سلامها النفسي الذي ينفض دواخله ويعبث دوما بأفكاره ونواياه.
لم تعقب هي بل ظلت تعاتبه بنظراتها مما جعله 
يتنهد عميق ويقترب أكثر منها مبررا 
انا عارف اني زودتها بس كنت مخڼوق وأنت بتضغطي على أعصابي
ردت بنبرة مټألمة تفيض بالعتاب
انا عمري ما قصدت أضغط عليك ..... انا كنت بحاول أشاركك واخفف عنك بس انت مش مديني فرصة
ليبرر من جديد بذلك السبب الواهي الذي يحاول ان يقنعها به ولا يمل من ذكره
اعصابي مشدودة من الشغل و اعذريني لو كنت بخرج عن شعوري
لما كنت بتتكلم وقلتلي يامن كان هو فعلا.....
ابتلع رمقه بحلق جاف وأخذ يمرر يده بخصلاته الفحمية وكأنه يبحث عن كڈبة مناسبة تقنعها ثم قال بكل تبجح وثقة كي يسايرها 
بصراحة .......كانت مكالمة شغل من واحدة من اللي بيشرفوا على تنفيذ المشروع بشركتي ومرضتش اريحك لما سألتيني علشان حسيت انك بتشكي فيا و كنت مخڼوق منك ومن اسئلتك الكتير
حقا كانت تستمع له مذهولة من تبريره ومن كيفية حياكته للأمر المفترض أنها الآن تكون سعيدة كونه كشف لها حيلته واراح قلبها ولكن وجدت ذاتها مشتتة لا تعلم كيف استطاع أن يتقن كذبته لذلك الحد وكيف هي كانت غافلة عن مهارات التمثيل لديه لتضيف بإصرار وكأنها تود أن تسد كل الثغرات بعقلها حتى لا يثور عليها 
بس انت قولت انه يامن حتى قولتله رهف بتسلم عليك!
تأفف في ضيق من اسئلتها التي تكاد تودي بثباته و تفضح أمره وهدر منفعل وهو ينهض يواليها ظهره 
افففففف بقى مش هخلص من أسئلتك دي
تم نسخ الرابط