رواية خطايا بريئة(الفصل الثامن إلى العاشر) بقلم ميرا كريم

موقع أيام نيوز

على بعضك ليه 
رفعت نظراتها له واخبرته بعتاب وهي تزيح الهاتف من يده لتستحوذ على انتباهه
أنت ليه مكلمتنيش النهاردة في التليفون
مط فمه ورد بلامبالاه
عادي يعني مجاش في بالي
ابتلعت غصة مريرة بحلقها وأضافت بنبرة متخاذلة
بس انا قولتلك إني رايحة للدكتور الصبح
أغمض عينه بقوة وبرر بذلك السبب الواهي الذي لا يكف عن ذكره
اه نسيت معلش كان عندي اجتماع طويل وكنت مشغول
تعلقت رماديتاها الضائعة به تود لو تجد الصدق بعينه ولكن لم تجد شيء يقنعها بحجته فمنذ كذبته السابقة وهي اصبحت تشكك بكل كلمة تصدر منه نفضت افكارها سريعا وارغمت ذاتها على التصديق حتى لا تفسد سعادتها ولكنه لم يكتفي بذلك الصراع اللعېن الذي يضعها به بل زادها عليها بقوله باستخفاف
قالك ايه اكيد مش حاجة خطېرة يعني اكيد قالك انك مهملة في اكلك وكتبلك على شوية فيتامين مش اكتر
ارتفع جانب فمها ببسمة متخاذلة وردت مستنكرة 
لأ يا حسن اطمن مش حاجة خطېرة
هو فعلا كتبلي على فيتامينات بس مش علشان انا مهملة في اكلي علشان حاجة تانية
تأفف هو بسأم وهدر بنفاذ صبر 
أففففف ماتتكلمي علطول من غير لف ولا دوران انا اتخنقت من الملل بتاعك ده
غامت عيناها من عصبيته الغير مبررة وقالت ببسمة باهتة وبنبرة تلاشت منها سعادتها بفضله وبفضل نظراته القاسېة المترقبة 
انا حامل يا حسن ...
أبتلع ريقه بحلق جاف ثم تسأل بنظرات مهتزة 
أنت متأكدة!
أكدت ببسمة باهتة 
ايوة يا حسن الدكتور أكدلي وحتى ماما ثريا كانت معايا
كويس
قالها وهو ينهض يوليها ظهره بنبرة مقتضبة وبملامح واجمة ؤدت سعادتها على الأخير وجعلتها تتساءل بترقب
أيه اللي كويس .....أنت مش مبسوط إني حامل
مرر يده بخصلاته الفحمية وأخبرها بعتاب وهو يتناول علبة سجائره ويشعل واحدة وينفث دخانها بقوة
أنت ليه مخدتيش رأي الاول
أجابته بصدق 
أنا مكنتش مخططة لده بس أنت عارف إني ساعات بنسى أخد الحبوب
حانت منه بسمة ساخرة وصړخ بسخط
علشان انت مستهترة يا هانم انا زهقت منك...على العموم اللي حصل ...حصل
أدعت هي الثبات وقالت بنبرة صامدة بالكاد خرجت منها 
انا مش مستهترة وبعدين دي ارادة ربنا وحرام نعترض عليها
تأفأف هو هدر بغيظ وهو يلوح بيده 
أنا مش معترض و مش هقدر اغير مشيئته
قبضت على قميصه القطني من الخلف وقالت بنبرة راجية متأملة
أنا مبسوطة يا حسن بلاش تكسر فرحتي انا نفسي يبقى عندي ولاد كتير منك ونفسي كلهم يطلعوا شبهك نفسي يبقى ليا عزوة و انا وانت نربيهم سوا ويبقوا أحسن ناس في الدنيا
زفر أنفاسه دفعة واحدة ورد عليها بنبرة جامدة خالية من أي مشاعر وهو يطفئ سيجارته في المنفضة أعلى الطاولة 
تمام يا رهف ......مبروك
لم يمنحها فرصة حتى للرد بل تفوه بتلك الكلمات الجافة وغادر من أمامها إلى غرفة النوم تاركها ټنهار على أقرب مقعد تنزع عنها قناع التماسك والصلابة التي تدعيها دائما وتشهق بحړقة چثت على صدرها و ټنفجر باكية بدمعات حاړقة مټألمة تنعي فرحتها التي وئدها هو ببراعة فنعم يوجد كثيرون مثلها يتوقعون الكثير ولا ينالون إلا الخذلان ومع ذلك يصمدون كي يحيوا بسلام في حين أن دواخلهم أرق من ورقة شجر ذابلة في خريف رجل لم يقدر قط ولكن ياترى الى متى!
داخل الحرم الجامعي وخاصة بالكافتيريا جلست هي وحيدة شاردة بعد انتهاء محاضراتها تسترجع حديثه الذي مازال يتردد برأسها بلا انقطاع فكم شعرت بالخزي من نفسها وم فعلتها تقسم انها تجاهد كي لا تستسلم للأمر لكن دون جدوى تجد ذاتها مسلوبة الارادة نحو تلك الحبوب التي تجعل طنين رأسها يهدأ وحقا حينها كانت بأشد الحاجة لها ولذلك لم تفكر في عقبات الأمر ورغم انه احرجها بمنطقه الغريب ذلك التي بالكاد تتفهمه إلا أنه جعلها تشعر نحوه شعور غريب لم تستطيع تفسيره قط.
انا هنا سواق جنابك وبس واللي عملته أي راجل عنده نخوة كان مكاني كان عمل زيه واكتر منه كمان
شعرت بالضيق عندما تكررت جملته مرة أخرى داخل رأسها مما جعلها تتساءل هل حقا حديثه صادق هل أي رجل غيره كان سيفعل ما

فعله لا تظن ذلك فهي تعرفت على الكثير و لم يفعل أحد من أجلها شيء يذكر أو حتى قام بنصحها كما فعل هو لتحين منها بسمة ساخرة مټألمة وتبرر لذاتها ربما العطب بهم و لم يصح اطلاق عليهم لقب رجال من بادئة الأمر
أما على الجانب الآخر كان يحاول مرارا وتكرار ان يتواصل معها ولكن دون جدوى تتجاهل كافة اتصالاته مما جعله يزفر انفاسه بغيظ شديد ويدس هاتفه بجيبه و يتوجه للكافيتريا وعندها لمح ميرال تجلس منفردة بذاتها تأرجح كوبها بين اناملها وساهمة في نقطة وهمية في الفراغ لا يعلم لم وجد ذاته يقترب منها فربما شيء من بقايا ضميره هو من ساقه لها ليقول بنبرة ماكرة وهو يجلس بجانبها 
ازيك ياميرال
نظرت له نظرة جانبية ثم أجابته بإقتضاب 
كويسة
نظر لها نظرة متفحصة يرى كيف تبدل حالها وذبل جمالها واصبحت صورة شاحبة بلا روح لتلك التي كانت مفعمة بالطاقة والنشاط ليتسأل 
مش باين انك كويسة...... 
حانت منها بسمة هازئة من سؤاله وكأنه يهتم وتسألت بضعف 
أيه صعبانة عليك بعد ما سبتني 
زاغت سوداويتاه وأخبرها بظنه العقيم نحوها الذي هيأه له شيطانه حينها وجعله مبرر قوي لتركها 
مش عايز اتكلم في اللي فات انا معتقدش إني فرقت معاك وأكيد مش هتغلبي وهشوفي غيري
غامت عيناها وشعرت بوخزة بقلبها من إهانته ولكنها لملمت شتات نفسها قائلة كي تحافظ على بقايا كبريائها 
أنت فعلا مفرقتش ويمكن منه عندها حق أنت مجرد وهم وانا كان نفسي اصدقه 
وانت عندك حق هشوف غيرك بس المرة دي هحاول اختار صح وعمري ما هفكر ارجع لواحد زيك
احتدت نظراته وهدر منفعل وهو يقبض على يدها بقوة آلمتها 
اللي زي ده كنت ھتموتي وترجعيله ولا نسيتي ......وعلى فكرة بقى انا اللي ميشرفنيش حتى يتقال إني كنت على علاقة بيك .......انا معايا اللي أحسن منك وبحبها وقريب اوي هرتبط بيها
استفزها حديثه للغاية مما جعلها تنهض تنفض يده و تثور پغضب وهي تلوح بوجهه بطريقة لفتت كافة الأنظار لهم وجعلت الهمهمات تتعالى حولهم 
طالما بتحبها جاي تسأل عليا ليه .........عايز مني ايه 
احتدت سوداويتاه وزمجر غاضبا 
اهدي على نفسك انا غلطان إن واحدة زيك صعبت عليا و كنت بحاول أواسيك
حانت منها بسمة هازئة وقالت وفيروز عيناها يطلق شرار لا مثيل لها 
شكرا اوي وفر مواساتك لنفسك لما اللي انت فاكرها احسن مني تسيبك وتديك اكبر مقلب في حياتك .......لتميل على أذنه قائلة كي تشتت عقله وتضغط على كبرياءه ك 
فوق ....قبل فوات الآوان ...نادين مصيرها وحياتها مربوطة بغيرك وعمرها ما هتضحي بكل حاجة علشان تبقى معاك واكيد هتسيبك
أغمض عينه بقوة يحاول ان يتمالك زمام نفسه بعد حديثها وهو يستغرب كيف علمت بأمر نادين مما جعلها تلاحظ تشتته و تبتسم بتشفي وتغادر بخطوات ثابتة تخالف ما تشعر به إلى الخارج بينما هو أحتل الڠضب عينه وظل يضغط على قبضة يده بعصبية مفرطة وهو يلعنها ويلعن تلك الشكوك التي أثارتها بعقله
اقترب فايز احد رفاقه المقربين وكاتم أسراره ما ان وصل لتوه ولاحظ الحالة التي هو عليها 
في ايه مالك .......
نظر لصديقه ثم هدر پغضب شديد والشكوك تتأكل عقله 
بنت ال... دي حلال فيها الڤضيحة فورت دمي
تنهد صديقه وهو يجلس بجواره وأخبره بسأم 
تاني مش خلصنا بقى من حكايتها وشبكت مع اللي انت عايزها
ما هو ده اللي مخليها ھتتجن إني مع نادين وقال ايه عاملة قلبها عليا وبتنصحني وبتقولي هتسيبك
ليقول صديقه بإستغراب
بصراحة مش قادر استوعب ازاي كانوا أصحاب وبيحقدوا على بعض كده
قال طارق بعد أن أزاح كوبها التي تركته بغيظ
محدش يعرف السبب بس كان لازم أعمل نفسي مصدق اللي اتقال عليها علشان اخلع بشياكة و أبقى مع نادين
ليجيبه صديقه بجدية 
أنا معاك أن نادين تستاهل بس يمكن ميرال عندها حق متنساش أنهم كانوا اصحاب وهي تعرفها اكتر منك .......وبعدين انا لغاية دلوقتي مش عارف انت ازاي قابل على نفسك الوضع ده .....يا ابني اللي تبقى مع راجل وتصاحب عليه واحد تاني دي تبقى مش تمام وتتوقع منها أي حاجة
زفر طارق بحنق وكأن حديثه صديقه يرفض ان يخترق عقله وقال بإقتناع تام
هي مڠصوبة عليه ومش بتحبه وبعدين هي عجباني اوي وھموت عليها
لتحتد سوداويتاه ويضيف بتوعد قاټل عندما تذكر تجاهلها له
متقلقش انا هعرف أخليها زي الخاتم في صباعي...
الفصل العاشر
توجهت بخطوات مهزوزة نحو السيارة وهي تدعوا الله ان لا يتلاشى ثباتها وټنهار قبل وصولها لمحها من بعيد ليشعل المقود تمهيدا للانطلاق عندما تصعد وحين فعلت نظر لها عبر مرآته الأمامية نظرة خاطفة كانت كفيلة أن يلحظ شحوبها ورجفتها المسيطرة عليها وانكماشها ورغم أن هيئتها محزنة للغاية إلا انه ازاح افكاره وذلك الفضول اللعېن

بعيدا فهو قد حسم أمره وقرر أن لا يقحم ذاته بها أكثر هو فقط سائق لديها ويؤدي عمله ليس أكثر بينما هي كان الكثير من الضجيج برأسها فهنا أبيها الذي خذلها في الصباح أثر نظرة واحدة متسلطة من زوجته وهنا اصدقائها الذين يتهامسون عليها وهناك في زاوية بعيدة مظلمة يظهر هو يخبرها بكل فخر أنه فضل آخرى عليها أما الصوت الطاغي داخل رأسها هو صوت الإحتياج فماذا كانت تنتظر من كل هؤلاء غير الخذلان إذا كان والدتها التي أتت بها لتلك الحياة قد خذلتها وتخلت عنها وعند تلك الفكرة وجدت ذاتها تجهش بالبكاء وتضع كفوفها على رأسها وټضرب عليها عدة ضربات متلاحقة وكأنها تود كبح ذلك الضجيج الذي يجعلها تفقد السيطرة دائما وتخور ارادتها
اوقف هو السيارة بجانب الطريق والټفت لها متسائل بإسترابة
آنسة ميرال مالك ...اهدي
نفت برأسها بطريقة هستيرية وزاد نحيبها وهي مازالت ټضرب على رأسها مما جعله ينحني بجزعه من جلسته ويجذب يدها كي تكف عن ما تفعله
اهدي ...هتأذي نفسك
تلوت من قبضته و صړخت باڼهيار وكأنها مغيبة تخاطب تلك الأصوات برأسها
كفاااااااااااية اسكتواااااااااا...تعبت ... تعبت
كان هجومها شرس لم يتملك السيطرة عليها من موقعه وخاصة أنها ظلت تدفع يده التي تحاول منعها بقوة اشعرته بوخز قوي بچرح يده مما جعله يصيح بكامل صوته الأجش
أهدي ... بقولك هتأذي نفسك رفق قوله بهرولته خارج السيارة وفتحه لبابها ثم أنحني بجزعه كي يصل لها ثم استطاع بجدارة ان يتفادى دفاعها ويقبض على رسغيها بين قبضته وهدر بنبرة صارمة نفضتها واعادتها شيء من وعيها
استهدي بالله كده واهدي
لثوان معدودة حاولت ان تتحكم بوتيرة أنفاسها وهي تطالع تلك النظرة الصارمة بعينه وقبضة يده التي تعتصر رسغها ثم اومأت له كي تسايره و قالت بنبرة مهزوزة بعدما ركزت نظراتها على حقيبتها بجوارها
ههدى بس عايزة ميا ...هاتلي ميا
تم نسخ الرابط