حكايه يوسف وأمنية (من الجزء الأول إلى الاخير كامله)
المحتويات
غرفتهما .. التى أصرا على المكوث فيها .. وترسل لهما الطعام مع الخادمة كل يوم .. وقف كرم بجوار ريهام فى محنتها .. كان دائم الإتصال بها والإطمئنان على حالها .. أما عمر فلم تتوقف اتصالاته ل ياسمينالتى لم تجب على أى منها .. حتى أضطرت الى غلق هاتفها .. كان عمر يشعر بالحيرة .. لماذا انقلبت عليه فجأة .. هل هو التوتر الذى يسبق الزواج .. هل عادت الى مخافها مرة أخرى .. لماذا لا تعطيه وتعطى لنفسها فرصة .. هل تجربتها المريرة ستظل تقف حائلا بينهما .. كاد أن يجن من كثرة التفكير .. لم يجد حلا إلا فى التحدث مع والدته .. علها تريح قلبه .. قال عمر
استمعت أمه الى حديثه كاملا .. وعن تفاصيل آخر لقاء له مع ياسمين صبيحة يوم كتب الكتاب .. ثم قالت فى هدوء
بص يا عمر .. كتير بنات پتخاف لما الموضوع بيدخل فى الجد .. يعني پتخاف انها تكون اختارت غلط .. پتخاف انها لسه مش عارفه كويس الراجل اللى هى هتبقى مراته .. تعرف آخر مرة كانت ياسمين عندنا هنا .. قبل كتب الكتاب بيومين .. جت سيرة الماجستير والدكتوراه بتوعك .. لقيتها مندهشة .. يعني حتى مكنتش تعرف عنك المعلومة البسيطة دى .. هى فعلا يا عمر لسه البنت متعرفش حاجات كتير عنك .. وده أكيد مخوفها .. دى مخاۏف أى بنت عادية .. ما بالك بأه بواحدة مطلقة .. وكانت متجوزة واحد أستغفر الله زى طليقها ده راجل معندوش ضمير .. متخيل حجم المخاۏف اللي جواها عاملة ازاى .. خاصة ان والدها قال ان طليقها
يعني أنا أعمل ايه دلوقتى
بص يا حبيبى .. دلوقتى هى بتمر بحالة نفسية صعبة بسبب مۏت والدها .. وبسبب جوازها المفاجئ بعد ما جتلك وقالتك ان الجواز ملغى .. فكل اللى مطلبو منك هو انك تفضل جمبها فى أزمتها .. وتتحملها لحد ما تخرج منها .. على فكرة يا عمر الست بتقدر أوى الراجل اللى يقف جمبها وتحسن انه سند ليها .. الست لما بتلاقى راجل بيحبها وخاېف عليها وواقف جمبها حتى وقت الخلاف بينهم لازم ڠصب عنها تعشق التراب اللى بيمشى عليه .. ياسمين خلاص بأت مراتك .. وانت جوزها .. وكمان البنت ملهاش أى حد غير أختها الأصغر منها .. يعني انت كل عيلتها دلوقتى يا عمر
حاول أن يتصل ب ياسمين مرة أخرى .. لكن هاتفها مازال مغلقا .. فخرج من منزله وتوجه الى غرفتها فى سكن العمال .. طرق الباب .. بعد فترة .. فتحت ريهام مرتدية اسدال الصلاة .. نظرت اليه بإستغربا .. فقال لها
كويسه الحمد لله
ياسمين موجودة
أومأت برأسا .. فقال
طيب لو سمحتى قوليلها انى عايزها
دخلت ريهام .. دقيقتين وخرجت ياسمين مرتدية اسدال الصلاة هى الأخرى .. نظر اليها يملى عينيه برؤياها التى حرم منها لأيام .. كانت ضعيفة ذابله .. دامعة العينين .. رق قلبه لحالها .. اقترب منها قائلا بحنان
أومأت برأسها وتحاشت النظر اليه .. رفع يده ليمرر ظهر أصابعه على وجنتها قائلا
أفله تليفونك ليه .. وليه مبترديش عليا
أبعدت وجهها عن أصابعه ..فسحب يده وظل ينظر اليها فى صمت .. وهى مازالت تتحاشا النظر الى وجهه .. طال الصمت بينهما .. نظر اليها قائلا
ماشى هسيبك براحتك .. بس لو سمحتى افتحى تليفونك عشان لما أحب أطمن عليكي .. بدل ما كل شوية تلاقيني جايلك هنا .. أنا سبتك الكام يوم اللى فاتوا
برحتك .. بس قدرى انى قلقان عليكي وحابب أسمع صوتك وأطمن عليكي
صمت برهه ثم قال
ماشى يا ياسمين
أومأت برأسها .. فقال
لو احتجتى حاجه كلمينى
غادر عمر وعادت الى سريرها تلقى بنفسها عليه .. اعطت
ريهام ظهرها حتى لا ترى العبرات التى تتساقط من عينيها فى صمت .. سألت دموعها .. لماذا تسقطين يا دموعى .. أبسبب مۏت أبي .. الرجل الوحيد الذى أثق به فى هذه الدنيا .. أم تسقطين بسبب حالى وما يحدث لى .. كفى يا دموعى عن السقوط .. لم أعد أحتمل حرارتك على وجهى .. ألا تجفين أبدا .. لماذا تذكرينني دائما بطعمك المالح فى فمى .. أريد أن أنسى طعمك يا دموعى .. لماذا تذكريني بك دائما وتخرجين من عيناى بكل اصرار وكأنك تتحديني .. وكأنك تتعندين أن تؤلميني .. لماذا يا دموعى لا ترحميني ..!
اقتربت منها ريهام وجلست بجوارها على الفراش .. التفتت ياسمين اليها وجلست .. قالت ريهام بأسى
وحشنى أوى يا ياسمين
اغرورقت عينا ياسمين بالدموع قائله
وأنا كمان وحشنى أوى
ثم قالت
عايزين نعمل صدقة جارية ليه
أومأت ريهام برأسها قائله
زى ايه
مش عارفه لسه بفكر .. بس عايزين نعمله أكتر من حاجه عشان ثوابه يكون أكبر
ثم تساقطت عبرة من عينيها وهى تقول بصوت مرتجف
الانسان لما بېموت .. الحاجة الوحيدة اللى بيستمر ياخد عليها ثواب هى ان ولاده يدعوله ويعملوله صدقة جاريه .. وعايزين نعمل لماما كمان
أومأت ريهام برأسها وأسندتها على كتف أختها قائله
ماشى أنا هديكي كل الفلوس اللى أنا محوشاها من مرتبي وانتى شوفى هتعملى بيها ايه
قالت ياسمين
لأ مش هاخدهم كلهم .. احنا لسه منعرفش احنا هنعيش ازاى .. خلاص كدة معاش بابا الله يرحمه اتقطع عننا لاننا اتجوزنا .. يعني ملناش أى مصدر رزق نعيش منه الا شغلنا هنا .. وأمورنا دلوقتى اتلخبطت
رفعت ريهام رأسها ونظرت اليها قائله
ايه اللى هيحصل دلوقتى يا ياسمين .. أقصد بعد ما كل واحدة
فينا اتكتب كتابها .. وبعدين .. ايه اللى هيحصل .. طبعا الفرح لازم يتأجل .. بس هل هنفضل
نشتغل عندهم زى ما احنا .. ولا لأ .. ولو مشتغلناش هنصرف على نفسنا منين
نظرت ياسمين الى ريهام قائله
ربنا موجوده .. مش هيسبنا .. اطمنى يا ريهام .. ربنا قادر يبعتلنا الحل لكل مشاكلنا
فتحت ياسمين أحد الأدراج بجانبها وأخرجت مصحفا وفتحته وأسندت ظهرها الى الوسادة خلفها وبدأت فى القراءه .. رجعت ريهام بظهرها للخلف وأسندت رأسها على كتف أختها تستمع الى تلاوتها .
فى اليوم التالى .. خرجت ريهام من الحمام لتجد أختها ترتدى ملابسها فسألتها
انتى خارجه
قالت ياسمن شارحه
أيوة .. هروح أشوف موضوع الصدقة الجارية اللى اتكلمنا عنه امبارح
آجى معاكى
لا يا حبيبتى مفيش داعى خليكي
خرجت ياسمين .. توجهت الى الطريق المؤدى للبوابة .. كان عمر يقف أمام البوابة يتحدث الى رجل داخل سيارته .. نظر الى ياسمين فتجاهلت نظراته .. أنهى عمر كلامه مع الرجل الذى انطلق بسيارته خارج المزرعة ثم توجه اليها يقطع طريقها قائلا
ياسمين .. راحه فين
نظرت اليه .. يالله .. لكم تؤلمنى رؤيته .. وتذكرنى بكل ما أريد نسيانه .. أعاده سؤاله
راحه فين يا ياسمين .. قالت بهدوء
نازله المنصورة
تعملى ايه فى المنصورة
قالت بشئ من نفاذ الصبر
هشترى شوية حاجات
قال وهو يهم بالإنصراف
طيب ثوانى هجيب العربية وآجى
قالت بسرعة
مفيش داعى .. أنا هروح لوحدى
نظر اليها بحنان قائلا
ازاى يعني أسيب مراتى تركب فى المواصلات وأنا موجود
خفق قلبه عندما سمعت منه كلمة مراتى .. تلك الكلمة التى تحاول أن تتناساها .. لكنها واقع .. وأمر مفروغ منه .. لم تعد تستطيع الهرب .. عاد عمر و أحضر سيارته أوقفها أمام ياسمين وفتح لها الباب .. شعرت بإحساس غريب .. هو مزيج من خوف وحيرة وتردد .. للمرة الأولى تركب سيارة رجل غريب بمفردها .. ذكرت نفسها .. ليس غريبا يا ياسمين .. بل هو زوجك .. زوجك الذى فرض عليك فرضا .. زوجك رغم أنفك .. اهربي منه فى عقلك كما تريدين .. لكنك لن تستطيعي الهرب من الواقع أبدا .
ترددت لحظات فى الركوب .. نظر اليها عمر يراقب ملامح التردد على وجهها .. ركبت بجواره .. بجوار زوجها .. شعرت بالرهبة .. تنهدت وحاولت السيطرة على خفقات قلبها .. هى حتى لا تعلم مما هى خائفه .. سار عمر فى طريقه الى المنصورة .. يلقى نظرة عليها كل فترة .. نظر اليها قائلا
عايزه تروحى فين
صمتت لتفكر .. ثم قالت
عايزة أروح أى مكتبة اسلامية
قال بإستغراب
مكتبة اسلامية
أومأت برأسها فقال
ليه
قالت بهدوء
عايزة أشترى مصاحب عشان أحطها فى المسجد اللى فى القرية .. صدقة جارية لبابا وماما الله يرحمهم
شعر عمر بحنان جارف تجاهها .. لاحت ابتسامه على شفتيه .. ونظر الى يدها الموضوعة بجانبها على المقعد ..مد يده ليحتضن كفها .. فأزاحت يدها بسرعة .. وكتفت ذراعيها أما صدرها
.. تضايق عمر .. لكنه أخفى ضيقه .. مراعاة لمشاعرها وللظروف التى تمر بها .. توقف أمام المكتبة .. نزل معها .. وواختارت ما تريد .. وعندما همت بفتح حقيبتها وجدت عمر
يسبقها ويخرج محفظته .. فقالت بسرعة
لأ أنا اللى هدفع
نظر اليها عمر نظرة محذرة .. نظرة صارمة .. دون أن يتكلم .. كم اخافتها نظرته فألجمت لسانها .. يا لهاتين العينين .. هما قادرتان على غمرها بالحنان تارة .. وعلى اخافتها تارة أخرى .. دفع عمر المبلغ للرجل وحمل المصاحف ووضعها فى صندوق السيارة .. وتوجه الى باب ياسمين وفتحه لها .. ركبت ياسمين .. وركب عمر وانطلق فى طريقه .. ساد الصمت .. قطعته ياسمين وهى تخرج .. المال من حقيبتها وتعده .. ثم تعطيه له فى حده قائله بحزم
اتفضل
ألقى عمر نظرة على المال ثم عليها .. صمت للحظات بدون رد فعل .. ومازالت يدها ممدودة بالمال .. ثم .. أخذه منها ووضعه بإهمال على تابلوه السيارة .. نظرت أمامها .. قال
متابعة القراءة