رواية ميراث الندم (كاملة) بقلم الكاتبة أمل نصر
المحتويات
امنعكم بس كمان مجدرش اسيبكم تروحوا لوحدكم انا رايح معاكم
تروح معانا فين هو احنا رايحين نتفسح
هذه المرة كادت أن تخرج ضحكته بدوي صاخب ولكنه تمالك ليردف بحزم حاسما الأمر بسلطلته
انا هخدكم وارجعكم بيدي عن اذنكم اروح اجهز العربية.
قالها وتحرك دون انتظار أخذ الرأي منهما يحمل معه معتز وكأنه كضمان له حتى تمتمت في أثره بذهول
خرجت من مكتب البريد تحمل بيدها مجموعة من الكتب التي طلبتها قبل ذلك عن طريق الشحن وفي طريقها نحو السيارة التي من المفروض أن تقلها إلى المنزل تفاجأت بمن يتكئ عليها بظهره وكأنها أصبحت عادة معه في انتظارها كل ما جاءت هنا.
زفرت تتمتم بالإستغفار قبل أن تقترب وتخاطبه بابتسامة صفراء وتحية مقتضبة
بادلها الابتسام ولكن بأخرى مشاكسة يرد
صباح الجمال عوجتي يعني كل ده بتسحبي طرد شحن.
زمت شفتيها تشيح بوجهها للجهة الأخرى تكبح نفسها بصعوبة عن رد غير لائق له فهي ما زالت تحمل له احتراما رغم كل ما حدث.
بتبعدي وشك عني ليه يا روح لدرجادي مش حاملة كلامي
أطبقت جفنيها پألم فهو لا ينفك أن يذكرها بمعاناته ومعاناتها معه في رغبته بها ورغبته هي في رجل اخر
عادت اليه تخاطبه بلهجة ناصحة عله يسمع
يا عارف يا ولد عمي ياريت تاخد بالك ان احنا جاعدين في شارع والعيون كلها مسلطة علينا بلاش حد يفرح فينا ولا يجيب سيرتنا.
رد بوجه جدي خلى من أي عبث تقطر نبرته مرارة ما علق بحلقه منذ سنوات عدة
مين اللي هيفرح فينا ولا يجيب سيرتنا انا عايز اشوف الناس دي واعرفهم مجامهم دا لو في ناس اصلا واخدة بالها من اللي بتلمحي اليه.......
بلاش تبينها جوي كدة يا بت عمي أنا ماشي وهسيبك تمشي مش هخطفك يعني ولا اعمل اللي بيوزني عليه شيطاني سلام يا روح عارف.
برقت بعيناها تشيعه وهو ذاهب بنظرات حاقدة كلماته الأخيرة زادت من اشتعال الڼار بجوفها لماذا لا يخرجها من عقله لماذا أصر على إفشال زيجته من أجل أن يعود إليها
عمر
ألتف إليها بنظرة فارغة منطفئة لم تعهدها منه رغم طول معرفتها به ليطرق رأسه بعد ذلك حتى اقتربت لتسأله بلهفة
إنت عامل ايه دلوكت
كويس والحمد لله.
صوته خرج بخفوت وعيناه حادت عن النظر إليها بتجاهل تام دون اهتمامه المعروف لولا أن اجلستها صديقتها لتضايفها لاتخذت طريقها نحو الخروج جمود جعلها تخرج عن صمتها بجرأة تفاجئه
عمر متخلينيش اظن ان سبب الجلبة دي مش تعب عادي زي اللي نعرفه....... وليكون حزنت على خطوبتي
حينما ارتفعت رأسه بهذه النظرة المحتدة منه إليها تأكدت من ظنها
طب ولما انت كدة ما اتكلمتش ليه طول عمرك جاعد ساكت عايزانى اجعد رابطة حالي جدام واحد ساكت.
ساكت عشان معاييش
هتف بها مقاطعا بانفعال اكبر من انفعالها واستطرد بصوت مهزوم
انا واحد جليل الحيلة لا املك المال ولا حتى الأصل اللي يوصلني لبنت السلطان بهد حيلي في الشغل واحط الجرش ع الجرش واعمل جمعيات وفي الاخر تروح في جوازة بت من خواتي ولا عيا ابويا ولا امي يبجى اتكلم بأنه حجة
بس انا مش بت السلطان .
لكن أنا عمر الغلبان
كان هذا اول اعتراف صريح تتلقاه منه ويالها من قسۏة حينما ينال المرء أكبر امانيه في غير وقتها اغرورقت عينيها بالدموع امامه تترجاه ان يتجرأ في التقدم لها وتفسخ هي خطبتها من أجله وستفعل المستحيل من أجل أتمام الأمر ولكنه ابى ورفض بقوة بل واعتبرها دناءة وسوء خلق منه إن أطاعها في ذلك.
لتخرج من منزله محطمة مستسلمة لقدرها في الارتباط
من رجل اخر غير الذي تحبه لكن حكم القلوب كان أكبر من مقدرتها.
وصلنا يا ست هانم.
بتجول حاجة يا عم عبده
تسائلت بذهن مازال عالق في ذكريات مضت وقد غفلت عن توقف السيارة امام منزلهم
أنا هدخل معاكم .
هتف بها فور أن ترجل من سيارته بصحبتهما همت جليلة أن ترحب بقراره ولكن ابنتها سبقتها بالرفض قائلة
بلاش انت تعطل نفسك وروح على مشوارك.
ارتفع حاجبه الأيسر بنظرة خطړة يخبرها بتسلط
ما عنديش مشاوير وحتى لو في انا برضوا لازم اطمن بنفسي..... ع الراجل التعبان..
الټفت لوالدتها بنظرة راجية تطلب منها العون خشية خروج الأمر عن السيطرة كالمرة السابقة بأن يتشاجر مع سند أو عيسى فهم في نفس الخانة بالنسبة إليه
ولكن جليلة كالعادة خذلتها بموافقتها
وماله يا بتي ما هو كبير ناسه وواجب عليه برضوا الزيارة ولا عايزاهم يجولوا وجف على باب المستشفى ومدخلش.....
يالا يا ولدي خلينا نلحجوا بسرعة.
قالتها جليلة تسبقهم في صعود الدرجات الرخامية نحو المدخل حاملة بيدها معتز وظل هو واقفا في انتظارها بنظرة أبلغ من الحديث حتى استلسمت لتلحق بوالدتها وهو خلفها يخطو بحمائية وتحفز لأي فعل .
كما توقعت بمجرد أن وصلت للقسم المقصود انتصبت رؤوس الاثنان عيسى وسند بنظرات ڼارية وتحديج خطړ لهذا الذي وصل أمامهم بعنجهية يتقدم النساء في مصافحة الحاج رحيم وبعض من أبناءه بتجاهل تام لهما والذي رحب به بتقدير قبل أن يصافح نادية ووالدتها بمؤازرة
بارك الله فيك يا ولدي تعبت نفسك.
لا مفيش تعب ولا حاجة احنا بس كنا عايزين نطمن على الحاج عبد المعطي أخباره ايه دلوك
نادية.
صدر الصوت من المرأة العجوز تسبق رد الرجل لتفتح ذراعيها كي تضمها إليها هي وحفيدها والأخرى تبكي إليها باشتياق
تسمر غازي يطالع حنان سکينة والتي كانت تصفها بجدتها وهي تمسح بكفيها على خديها تجفف عنها الدموع باشتياق لا تكذبه العين.
ينتابه الفضول بشدة عن هذه العلاقة التي كانت تحاوطها من عائلة بالكامل تكمل مسيرة اباها في تدليلها حتى الجد الذي استفاق بصعوبة يطلبها بالأسم لرؤيتها يبدوا ان هذه المرأة خلقت للحب فقط ولا يصح معها غير ذلك .
بعد قليل
كانت هي بداخل غرفة الرجل وهو ينتظرها في ردهة المشفى يقطعها ذهابا وايابا بسير متباطئ كنمر في انتظار اشارة واحدة فقط للبدء في خوض المعركة والفتك بمن يتربص به يتبادل النظرات الڼارية مع الاثنان عيسى وسند وقد بدا كحاجز بشړي يمنعهما من التواصل معها وحديث الأعين أبلغ من أي حديث.
وفي الداخل
الدموع وحدها هي من كانت سيدة الموقف وهي تدنو من الرجل وتضع قبلتها على جبينه ثم كفه التي كانت تضغط على كفها يطالعها پألم ودموعه هو الاخر كانت المتحدث الرئيسي له في توجيه النظر إليها وإلى طفلها شعور قاټل بالندم يجثم على قلبه الضعيف وقد ظن أنه قد فعل الصالح أما الان وبعد افتقاده لقرة عينه فقلبه المكتوى بڼار الفقد يتمنى ان يعاد الزمن مرة أخرى عله يعيد حسابه او حتى يعود اكثر رافضا أن ينجب من الأساس لا ولد ولا بنت وقد علم الان أن لا مال يدوم ولا بنين تشفع فما بالك لو كانت الذرية نفسها هي سبب الهلاك بفسادها.
خلاص يا جد كفاية دموع انت مش حمل تعب .
عقبت على قولها هويدا الواقفة في ركن الغربة بجوار شقيقتها وسليمة
جوليلو يا بنتي دا من ساعة ما فتح عينه وحس بالدنيا وعينه مبطلتش بكا طب حتى يرحم نفسه.
طمن جلبك يا جد احنا زين والحمد لله والله.
قالتها في محاولة منها لتهدئة الرجل المكلوم فما كان منه سوى أن اشار بكفه بضعف نحو صغيرها لتقربه إليه ليضع على وجنته قبل أن يومئ لها بعينيه التي دمعت أكثر حتى همس بصوت مبحوح بجوار أذنها
سامحيني يا بتي.
خرجت سليمة تاركة الغرفة بوجوم شارد تفكر في قول عمها الذي اختلى بها قبل الجميع يخبرها رغم تعبه الشديد ببعض الكلمات البسيطة المقتضبة يرشدها نحو الطريق الذي يجب عليها اتباعه الان بدون التقيد بأي بشيء وقد حلها من كل التزام أو وعد يضعفها أو يؤخرها.
ست سليمة.
الټفت نحو هذا الذي هتف بإسمها لتجده امامها يقترب منها بوقار يعرفها بنفسه
انا غازي الدهشان أكيد سمعتي عني أو تعرفيني
بادلته المصافحة ټخطف نظرة سريعة نحو عيسى وسند الغاضبان لتخاطبه بعدم اكتراث
أكيد عارفاك يا ولدي ولو مكنتش عارفاك كنت هرصى برضوا اسيب مرة ولدي وحفيدي في حمايتك .
رفع كفه ېصفع عنقه متمتما لها
دول في رجبتي والله احفظهم بعمري كله يا ست سليمة.
استجابت له بابتسامة ممتنة لفعله يكتنفها بعض الإرتياح لقوله حتى انتبهت على نظرته التي اتجهت خلفها نحو باب الغرفة الذي انفتح لتخرج منه زوجة ابنها وحفيدها وقد انصب تركيزه عليهما.
ضاقت عينيها بتفهم سريع وفراسة ليست غريبة عنها وقد فهمت الان سر الاهتمام الشديد منه
لهما.
بجولك خدهم وراح بيهم مشوار يا ناجي اغنيها ع الربابة عشان تفهم.
صړخت بها عبر الهاتف متخصرة في غرفتها التي اغلفتها عليها لتبتعد عن الجميع وجاء صوته باستهجان
لمي نفسك يا فتنة انا مش ناجص جلة أدبك دي ع المسا يعني هيكون خدها هي وامها ولدها وراح فين يعني يفسحهم مثلا
حد عارف ما يمكن يعملها صح ودا بيهمه حد اصلا واد عامك مفتري ومحدش جادر يلمه.
الله ېخرب بيتك يا شيخة يا بت انتي عايزة تحرجي دمي وبس اجفلي خشمك يا فتنة انا جايلك اصلا اشوف اللي حاصل واشوف خدها وراحوا فين بس انتي امسكي لسانك ده مش عايزين نصايب.
ماشي يا واد ابوي هسكت واعمل نفسي مش واخدة بالي ان شالله حتى يكون بيفسحها ولا يوكلها جيلاتي زي اللي بيجيبوا للبنتة.
إنت وجفت ليه
هتفت متسائلة بدهشة بعد ان اجفلها بتوقفه أمام أحدى المحلات العريقة بالمحافظة لصنع المثلجات وجاء رده بابتسامة بريئة
معلش يا جماعة بس انا متعود انزل هنا دايما كل ما اجي المحافظة اجيب ايس
متابعة القراءة