رواية ميراث الندم (كاملة) بقلم الكاتبة أمل نصر

موقع أيام نيوز

اتربط بجالوا سنين.
بصق كلماته وذهب يتركها تستعيد ما حدث منذ قليل بعقلها وكأنه حلم لا بل هو الکابوس بعينه ذلك الذي يجثم على انفاس الفرد في ذورة راحته وهناءه بصور عديدة تنذر بقدوم الأسوء
وضعت كفها على فمها تكتم الصوت عن بكاء مرير كيف حدث ذلك وماذا ينتظرها في الغد والأهم الان في هذه اللحظة من أوقعها في الفخ من راقب والتقط الصورة على مدار سنوات عمرها التي مرت بها لم يسبق لها ان أخطأت حتى لقاءها بالحبيب الذي احټرقت صبرا لرؤيته لم يتجاوز سوى ملامسة الأيدي رغم لوعة الأشتياق هي لم تخطئ هي على وشك الزواج بمن تحب لماذا لا يفهمها أحد
وفي الأعلى كانت الأخرى تتابع بتأثر لحال الفتاة حتى غمغمت بخفوت لا يسمعه الا هي
يا عيني عليكي يا بت عمي كان لازم جلم يفوجك عشان تعيشي الواقع وتعرف جيمة عيلتك وناسك. عايزة تعملي فيها حبيبة وتتمعشجي فاكرة نفسك في فيلم عربي.
تم توقيع عدد من الصفقات الهامة مع العميل الذي صافح يودعهما ممتنا لكم المميزات التي سوف يحصل عليها بفضل التعاون المشترك مع شركتهم الناشئة متوقعا لهم مزيدا من النجاح والإزدهار قبل ان يذهب إلى مواعيده الأخرى ويترك لهما الطاولة في الفندق الشهير والذي تم الاجتماع به
عشان تعرف بس يا معلم صاحبك مشغل الشركة في غيابك زي حضورك بذمتك انت كنت تتصور ان الزمن يتطور بينا ونتشتغل مع حوت زي اللي فارقنا من شوية ده.
تبسم غازي لطرافة صديقه والذي لا يفوت فرصة دون الثناء عن محاسنه المتعددة و تفكيره الالمعي في اقتناس الفرص الهامة والحق يقال هو بالفعل كذلك ولكن غازي دائما ما ينكر من اجل مشاكسته
ما خلاص يا عم الظريف عرفنا واتأكدنا ان مفيش زبك في الكون كله نعمل ايه عشان نشكرك نضرب تعظيم سلام مثلآ.
انتفخ يوسف بروحه المرحة يضع قدما فوق الأخرى مرددا بزهو وصدر منتفش
إنت بتقول فيها طب والله انا فعلا استاهل اتفضل بقى يا كبير ناسك ادي التحية وعظملي
يا راجل اتعدل ياض. 
هتف بها بحزم أجفل الاخر ليعتدل بجلسته على الفور مغمغما بحرج
صلي ع النبي يا عم الحج وبلاش منها ياض دي راعي سمعتي ولا منظري في قلب الفندق العريق احنا مش ناس أي كلام برضوا
تبسم له باتساع يعقب
والله يا يوسف انا بحسدك بروحك الخفيفة دي وهزارك الدايم من غير ما تشيل للدنيا هم ولا تعملها أي اعتبار دي اكبر نعم انت ممكن تحصل عليها على فكرة .
يا سيدي ربنا يعزك ويعني الدنيا دي هناخد منها ايه سيبك انت ومتكبرش نفسك بالهم المهم بقى انا عازمك النهاردة على حتة سهرة صباحي
نهض ضاحكا من جواره يعترض
لاا يا عم الحج انا كدة زين جوي انا بس اطول سريري واحط راسي وانام جسمي كله مكسر من تعب السفر وانت البعيد مرحمتنيش من ساعة ما رجلي خطت البلد
جلجل يوسف بضحكاته ليتناول الملفات والعقود ويضعهم في الحقيبة قبل ان يلحق به متمتما
مشحططني معاك ولا اكني مساعد عندك حتى طب وافق حتى نجيب سكرتيرة تساعد العبد لله وبرضوا تتطري الجو شوية تعقم الدنيا بريحة البرفان بتاعها والله ساعتها الدنيا هتبقي حلوة صدقتي.
رد غازي بضحكته 
طموح جوي انت يا عم يوسف. 
امتعضت ملامح الاخير يرافقه الذهاب مرددا
وماله لما ابقى طموح يعني لا يبقى حقيقة ولا خيال دا انت راجل وش فقر بجد
خرجت من غرفتها على صوت الطرقات الخاڤتة على باب الاستراحة الخارجي لتهتف سائلة بتوجس ناظرة في ساعة الهاتف وقد تعدت الساعة الواحدة ليلا
مين..... مين اللي بيخبط دلوك
أنا اللي ع الباب افتحيلي يا نادية. 
ميزت صوتها رغم غرابة النبرة لتعدو سريعا تفتح لها بقلق تزايد فور أن وقعت عينيها عليها تقف امامها بهيئة مزرية ووجه متنفخ من كثرة البكاء.
ايه اللي جرا مالك 
لم
تكد تكمل السؤال حتى وجدتها ارنمت تنطلق بموجة أخرى من بكاء لم ينقطع في هذه الليلة السوداء.
شددت عليها لتسحبها معها للداخل وصوت صدر من الداخل بنعاس.
مين اللي ع الباب يا نادية
أجابتها على عجالة
نامي ياما متجلجيش دي روح جاية تبات معايا.
أتت اليها بالمشروب الساخن بعد أن هدأت قليلا وتوقفت عن البكاء وضعته فوف الكمود قبل ان تنضم جوارها على الفراش تمسح بكفها على ساعدها بمؤازرة ثم تناولته لوضعه بيدها بحنو
اشربي الحاجة السخنة دي هتهديكي.
بصوت منكسر عقبت ساخرة
وافرضي هديت يا ترى كمان الامور هتهدي معايا انا شكلي ضيعت خلاص يا نادية وكلاب السكك هتجطع في جتني وحتى مش هلاجي حد يدافع عني .
كقلبها من الداخل الذي يتلظى بلهيب العادات البالية والتي قد تؤدي لخسارتها لكل شي.
علقت نادية بتفكير متوزان رغم ارتعابها هي الأخرى من القادم
انا رأيي ان الموضوع مش هيكون أكتر من كدة اصل يعني كدة بالعجل اللي باعت الصورة لو نيته يشهر فدي بسيطة جوي يجدر ينزلها ع التليفونات بلمسة ع الشاشة هو اللي عمل كدة ابن حرام دي مفيش منها شك بس بصراحة كدة جاصد المهمين في العيلة عندكم .
ودي هينة يا نادية
خرجت منها تتنهد بۏجع سكن بروحها
اللي عمل كدة جصده يكسرني ويضيع حب عمري مني طب ليه دا انا دفعت التمن سنين من عمري في الصبر انا جلبي مجبوض وحاسة ان اللي جاي مش خير واصل...... والنهارده كانت البشاير بعارف اللي مد يده عليا ولاول مرة اشوفه شديد كدة انا عارفة اني جرحته واجبرته انه يتعصب عليا كدة بس انا كان في ايدي ايه.......
الټفت نحو نادية تستطرد برجاء
طب كنت هرد اجولوا ايه ساعتها مجدرتش اكدب عليه يمكن كانت جسوة مني عشان كنت عايزه اعرفه باللي جوايا لعله ساعتها يحل بجى عني ويشوف حياته بدال ما هو جاعد كدة ومحملني حمل فوج حملي..... يعلم ربنا اني ياما اتمنيت يرتبط باللي يحبها وتحبه يلاجي السعادة اللي بيحلم بيها اعمل ايه تاني أكتر من كدة
حاجة تطير فيها رجاب
عودة الى البلدة 
حيث خرج الحاح يامن من منزله محركا أقدامه نحو الشقة المجاورة والخاصة بابنه الاخير الشقة المهجورة من ساكنيها بسبب تركه لها منذ طلاقه من زواج لم يصمد لأكثر من شهور قليلة.
ولكنها اليوم وعلى غير العادة مفتوحة وقد علم منذ زوجته انه قد بات بها.
عارف .
هتف مناديا باسمه فور ان دلف داخلها قبل ان يجلس على اقرب مقعد قابله أمامه لم ينتظر كثيرا حتى خرج له الاخر من غرفة جانبية يلقي التحية بروتينيه قبل ان يشاركه الجلسة
صباح الخير يا بوي 
صباح الخير يا حبيبي .
قالها يامن متمعنا النظر به وكأنه يقرأه حتى اضطر عارف ان يتهرب بالمزاح قائلا
ايه يا عم الشيخ عرفت مكاني وجاي تجعد جصادي تتأمل فيا يكونش عجبك حتة الدجن اللي مربيها اليومين دول.
لا يا عارف انا لا عاجبني الدجن ولا عاجبني انت نفسك. 
وه ليه الصدمة دي بس يا عم الشيخ كدة في وشي طب حتى جاملني بالكدب.
لم يستجب يامن للإبتسام او الرد على مزاحه بل قام بمبادرته الحديث مباشرة
عاااارف ما تضغطتش على نفسك يا ولدي بهزار مالوش عازة الصورة اللي جات على تليفوني جاتلي انا كمان.
ضاقت حدقتيه بتسأل بتوجس يشوبه ڠضب مكتوم
تجصد ايه يا بوي اي صورة دي اللي جاتلك على تليفونك.
زفر يامن يجيبه بحنق
الصورة اللي جومتك منبوط امبارح من جمب واد عمك ناجي واللي جاتله هو من بعدك وفهم لوحده.
ناجي كمان
نهض واقفا بملامح مكفهرة غاضبة وقد فلت زمام تماسكه
أكيد الحاجات دي مركبة انا متأكد ان دي حركة واطيه من عيل ابن كلب نصاب من بتوع الايام دي لكن وحياة غلاوتك يا بوي انا بسعى من امبارح مع واحد خبير وأكيد هنعرف بهوية صاحب النمرة اللي بعتتلي وبعتتلكم انا هجول لغازي يعلم العيال دي الأدب......
غازي عرف .
هتف يامن مقاطعا له حتى طالعه الاخر باستفهام جعله يكرر له بتأكيد
عمك سعيد اتصل بيه النهاردة من الفجرية وبلغه وهو زمانه دلوك على وصول دا
ان ماكنش لسة وصل اصلا
سقط بثقله على مقعده پصدمة متمتما
غازي عرف! ومن عمي سعيد كمان دا اكيد كبر الموضوع وادالوا أكبر من حجمه
رد يامن بقلة حيلة
انا عن نفسي مكنتش عايز اجوله وكان في غرضي مدام الأمر ما تعداش غير نمر معدودة مننا 
لاننا نجدر نؤد الفتنة من اولها لما نمسح الصور وكأن مفيش حاجة وصلت بس عمك بقى انت عارفة ما بيصدق.
هو فعلا ما ببصدج ربنا يستر . 
غمغم بها يزفر انفاسه المضطربة بقلق بالغ امام انظار والده المتابع لحاله بإشفاق يعلم أن كل ما يشغله الان هو الخۏف عليها.
غازي بيه.
تمتمت بالأسم متفاجأة بحضوره امامها مباشرة بعد فتحها لباب الاستراحة كي ترى من الطارق تعلم انه سافر الامس وسوف يغيب عددا من الايام كما علمت من روح.....
على خاطرها استدركت بقلق هذه الهيئة المتجهمة منه وهو يخاطبها بجمود متحمحما في البداية بخشونه
معلش يا نادية ممكن تدخلي تندهيلي روح
ابتلعت تتراجع بارتباك تجيبه بتلعثم
ااا ماشي بس... ادخل طيب جابلها جوا دا بيتك ومطرحك 
لا كتر خيرك انا جاي من السفر تعبان ياريت تبلغيها تحصلني ع البيت.
قالها والتف مغادرا دون ان يعطيها اي فرصة للنقاش تراجعت تغلق الباب لتعود الى الداخل فتفاجأت بها تقف في وسط الصالة بوجه شاحب وكأنها ترتجف وقد تأكد لها انها علمت بعودته الان
ايوة يا غازي كنت طالبني في ايه حمد الله ع السلامة الأول.
وقفت امامه تردف بها بلهجة تبدو عادية وبعيدة تماما عما يكتنفها من الداخل من خوف وقلق تعاظم مع رؤيتها لهذه الهيئة الغريبة عنها وهذه النظرة الغامصة التي يرمقها بها فقد كان جالسا في غرفة المكتب والتي لا يدخلها الا في النادر اثناء انشغاله بعمل ضروري او كما يحدث الان حينما يريد الاختلاء بأحد ما بعيد عن الجميع.
اجعدي يا روح.
نطق بها بزفرة خشنة ليتكتف بذراعيه وكأنه يلجم نفسه عن الانفعال
جسرت نفسها لتجلس على الكرسي المقابل له تبادره الحديث حتى تقصر عليه المسافة وقد اتخذت قرارها في المواجهة.
جعدت انا اهو جدامك يا غازي جول اللي انت عايز تجولوا جول ع اللي خلاك تنزل مخصوص من مصر.
برقت عينيه فجأة بوميض خطړ يحدجها به رغم صمته المهيب قبل أن يقطعه بقوله
يعني الصور حجيجية يا روح
سؤاله المباشر رغم هدوئه ولكنه كان حادا بقوته حتى أنها لم تقوى على مواجهة عيناه في الرد شاعرة بالخزي منه
أيوة يا غازي بس يعلم الله ان دي كانت اول مرة ېلمس فيها ايدي وبصراحة دا كان رد عفوي مني ومنه بعد انتظار سنين دوجت فيها مر الصبر في بعده وهو شاف الويل في غربة جطعت
تم نسخ الرابط