رواية ندوب الهوي بقلم ندا حسن كاملة جميلة جدا
المحتويات
فعلته ولكنها تعلم أنه خطأ كبير..
ربما هناك شيء بينها وبين ذلك الشاب تخاف من أن يعلمه أحد.. لا مؤكد لن يكن بينها وبين أي أحد شيء هذا مؤكد أنها مثال للأدب والاحترام في هذه الحارة لن يصدق ذلك عنها..
ربما يستمع إلى صوتها العالي في المنزل ويعلم أن لسانها سليط ولكن يعلم أيضا أنها على قدر عالي من الأخلاق لن يصدق أن هناك شيء بينهم ولن يصمت إلى أن يعلم من هو ولما أتت معه ولما كذبت على شقيقها..
اتأخرتي ليه.. ما كل يوم فيه زحمة مواصلات
وضعت كتبها على الأريكة القديمة في الصالة ووقفت أمامه تضع يدها الاثنين أمام صدرها ثم تحدثت بثقة كبيرة قائلة له
جمال.. اسمع بقى الكلمتين دول هدير أنت عارفها كويس ومش هسمحلك كل شويه تلمح بحاجه شكل علشان تعمل اللي في دماغك آه خليك عارف ده.. أنت أخويا الكبير واللي المفروض يكون هو السند ليا مش العكس ومش أنت اللي تقول عني الحاجات اللي في دماغك دي.. اومال الغريب يعمل فينا ايه
وأنت عارفه أن أبوكي وصاني عليكم
أشارت بيدها بهمجية وهي تتقدم إليه تتحدث بعصبية وانزعاج شديد سيطر عليها بعد الاستماع إلى هذه الكلمات التي يقولها دائما محللا ما يفعله
لأ يا حبيبي أبويا الله يرحمه لما وصاك علينا كان مفكرك راجل قد المسؤولية مكنش يعرف أنك هتخلي البنات هما اللي يشتغلوا ويصرفوا عليك... كفاية لحد كده يا جمال
في المساء
مازال لا يعرف من الذي كانت معه في السيارة وحدها!.. داخل قلبه يشتغل بنيران لا تهدأ أبدا عقله لا يود أن يفرج عنه بل يأتي إليه بأبشع السيناريوهات ويجعله يتخيلها حركاته ليست محسوبة وهو هكذا يريد حقا أن يعلم من ذلك ولما كانت معه وكيف من الأساس أن
أو ربما هي تعرفه ربما هذه ليست أول مرة لها ربما هي هنا تمثل دور الاحترام والمثالية!..
ضړب مقدمة رأسه على هذه الأفكار السخيفة التي يرسلها إليه شيطان عقله الأبلة ليجعله يفكر بها هكذا..
خرج من شقتهم وأغلق الباب خلفه وقف أمام الدرج وانحنى بجذعه العلوي ينظر إلى الأسفل ربما يراها ولكن لن يحدث ذلك..
دلف إليه ليراها هي تجلس على المقعد بجانب السور وبيدها كتاب تقرأ منه ربما تدرس!.. تقدم إليها ثم أصدر صوتا خشنا لتشعر بوجوده معها..
أغلقت الكتاب بيدها ووقفت على قدميها بعد أن نظرت إليه لتراه يتقدم منها ووقف أمامها محافظا على مسافة بينهم تحدث سائلا إياها بنبرة رجولية خشنة
ابتسمت بهدوء مخفضة وجهها بالأرض ثم رفعتها مجيبة إياه قائلة بخفوت
الحمدلله بخير.. بس مش لسه بدري على بشمهندسة دي
ذهب ليقف جوار سور السطح وأستند بيده الاثنين عليه ينظر إلى الخارج وتحدث بهدوء مبتسما
لأ مش بدري ولا حاجه خلاص هانت
عندك حق
نظر إليها وهو يود لو يلقي عليها جميع الأسئلة الذي برأسه لتجيبها هي وترحم عدم معرفته ما الذي يحدث معها
أنت بتعملي ايه هنا.
وقفت جواره على مسافة مقبولة ونظرت إلى الخارج بعد أن وضعت الكتاب على الطاولة جوار المقعد وهتفت قائلة بابتسامة ساخرة
زي ما أنت شايف بذاكر.. كالعادة محدش عارف يذاكر في البيت من الجو اللي عامله جمال بالاغاني في اوضته
ابتسم هو الآخر بسخرية وقد رأت تلك الابتسامة الرجولية الساحرة لتجعل قلبها يدق پعنف داخل صدرها ماذا لو وضعت يدها على وجنته وشعرت به!.. أغمضت عينيها بقوة وداخلها يقوم بالاستغفار دائما تفعل الخطأ وهي تنظر إليه..
استمعت إليه يقول متسائلا بجدية وهو ينظر إليها
هو أنت سيبتي الشغل في محل الأدوات الكهربائية ليه.. حد ضايقك
فتحت عينيها ببطء ليظهر بحر العسل الصافي المخفي خلف جفنيها
لأ لأ أبدا أنا بس لقيت نفسي مش قادرة أوفق بين الكلية
والمذاكرة والشغل قولت اسيبه والدنيا كويسه معانا الحمدلله
سألها مرة أخرى قائلا
يعني مش محتاجة شغل
ابتسمت إليه وهي تشعر بذلك الإهتمام الفريد منه وودت لو بقى هكذا دائما أجابته بنفي قائلة
لأ كلها كام شهر وهخلص الكلية بعد ما أخلص هشتغل إن شاء الله علشان مريم
نظر إليها وهو يبتسم هو الآخر لقد كانت مثال الاحترام والأخلاق الحميدة أنها فتاة صغيرة تأخذ دور كبير العائلة وتعمل لتجعلهم لا يطلبون شيء من أحد تأخذ دور شقيقها الأكبر الذي لا يهمه أي شيء سوى نفسه وراحته وإلى الآن لم يقدم لهم شيء يتذكرونه به من بعد أن توفى والدهم وهي لا تقبل نظرة شفقة من أحد ولا تقبل مال شفقة حتى من والده وعلى الرغم من أنهم يجلسون في بيته إلا أنها تدفع له إيجار رمزي بسيط بعد أن عانى معها في إقناعها بعدم دفع شيء إكراما لوالدها الذي كان يعمل عندهم..
نظر أمامه ثم دون مقدمات وفجأة سألها بنبرة رجولية جافة ارهقها التفكير
مين اللي كنتي راكبه معاه النهاردة
توترت قليلا من سؤاله الغير متوقع من أين علم أنها خرجت من السيارة بعيد عن هنا. هل رآها ماذا قال عنها يا ترى لابد أنه فكر بها السوء عندما رآها مع شخص لا تعرفه...
نظرت إليه وأجابته بتردد بعد أن شعرت بالتوتر من نبرته التي تغيرت مئة وثمانون درجة عندما سألها
ده أخو زميلتي في الكلية
اعتدل في وقفته وأصبح مقابلا لها ذلك بعد أن استمع إجابتها الغير مريحة بالنسبة إليه كليا وضع يده خلف عنقه يمررها عليه بحدة وأردف قائلا بجدية وقوة تتنافى مع حديثه
أنا عارف إن مش من حقي أسألك بس بصراحة كده الموقف كان وحش أوي لما شوفتك نازلة من عربية حد غريب عن هنا وبعدين ألاقيكي بتكدبي على جمال.. ولا أنت ايه رأيك
ابتلعت ما وقف بحلقها ونظرت إلى الأرضية بخجل يكاد أن يجعلها تختفي من أمامه بالكامل هو معه كامل الحق أنه موقف لا يدل إلا على شيء واحد استمعت إلى سؤاله
مرة أخرى قائلا
وأنت بتركبي عربيات مع أي حد كده عادي
رفعت رأسها إليه سريعا مجيبة إياه بحدة ونفي لكلماته
لأ طبعا
وجدته يتساءل بعينيه مطالبا تفسير فقالت وهي تضغط على أصابع يدها الاثنين بتوتر مجيبة إياه
أنا مكنتش معاه لوحدي
نظرت إليه لتراه مثلما هو يطالب بتفسير آخر فقالت بصدق ما حدث وما تفعله هي
أنا عمري ما ركبت مع حد غريب لوحدي دي أول مرة وكمان كان معايا زميلتي تبقى أخته.. هو كان جاي ياخدها ف أصر أنه يوصلني لأني كنت متأخرة بس مش أكتر
حك فروة رأسه وهو يقلب عينيه وتساءل مردفا مرة أخرى
بس أنا مشوفتش حد معاه غيرك
أخذت نفس عميق وأجابته بجدية شديدة وهي تراه لا يصدق حديثها
لأ على فكرة كانت موجودة في الكرسي اللي قدام جنبه وأنا كنت ورا ممكن تكون شوفتنا من ناحيته علشان كده مشوفتهاش
هتف بجدية وهو يلقي عليها نصيحة هادئة ومن داخلة يشتعل وهو يستند على السور بيده ضاغطا عليه بشدة
ممكن بردو.. بس بعد كده خدي بالك ومتركبيش مع حد متعرفيهوش تاني
نظرت إليه باستغراب ثم ابتسمت بسخرية وفعلت كما طلب منها قائلة
عن اذنك أنا هنزل بقى.. شكل وقفتنا كده غلط
ابتسم بسخرية وتهكم أكثر منها وهو يرى ذكائها بوضوح لم يقصد الحديث عنه أيتها البلهاء رآها تأخد كتابها وهاتفها من على الطاولة وعندما أخذتهم بيدها وجدت الهاتف يصدر صوت مكالمة نظرت إلى شاشة الهاتف لتراه رقم غير مسجل فأجابت وهي تعطي له ظهرها
السلام عليكم.. أيوه أنا مين معايا
بعد أن استمعت إلى الصوت على الطرف الآخر أردفت مرة أخرى متسائلة باستغراب بعد أن عقدت ما بين حاجبيها
وأنت جبت رقمي منين
تقدمت مرة أخرى من سور الشرفة وألقت نظرة إلى الأسفل أمام المنزل لترى شقيق زميلتها يقف في الشارع والهاتف على أذنه يتحدث معها وكل ذلك تحت نظرات جاد الذي لو أراد أن يحرقها وېحرق ذلك الأبلة الذي يوزع تبسمات ليس لها معنى لفعل وأحرقهم دون أن يسأله أحد لما فعل ذلك..
نظرت إلى جاد بتوتر وهو الذي كان يتحدث معها الآن عن ذلك الغبي الذي أتى إلى هنا وفي هذا الوقت لتراه ينظر إليها بحدة وعصبية ظاهرة بسبب أفعالها الغريبة والغير محسوبة.
يتبع
ندوب الهوى
الفصل الثاني
ندا حسن
الغيرة ليست تقيد حرية بل هي أكبر دليل على الحب
اتكأ جاد على السور بكفيه وانحنى بجذعه قليلا نظر إلى الأسفل ليراه يقف والهاتف على أذنه منتظرها أمام الباب رفع حاجبه الأيمن وهو ينظر باستنكار لما يحدث في هذا الوقت نظر إليها بنصف عين وقد كان يريد أن يرى تعابير وجهها إلى ماذا تشير..
أغلقت الهاتف وأنزلته من على أذنها تنظر إليه بتوتر فقد وضعت نفسها بموقف سخيف أمامه ماذا سيقول الآن بعد أن رأى هذا المشهد ولم تكاد تنهي النقاش معه..
أردف بجدية شديدة خرجت منه بنبرة رجولية متسائلا
ايه
جابه هنا الواد ده
ابتلعت ما بجوفها وهي توزع نظراتها في جميع الاتجاهات تضغط على يدها بشدة لتخفف من حدة توترها الذي كان يزداد
نسيت كتب في العربية وهو جيبهالي
تنفس بعمق وتقدم منها وهو يشير بيده إلى الخلف قاصدا ذلك الأبلة الذي ينتظر في الأسفل
وهو مكانش يعرف يديهم لأخته ولا هو في ايه..
دققت النظر بعينيه باستغراب مضيقة ما بين حاجبيها محاولة أن تفهم ما الذي يقصده بذلك السؤال الغير مريح بالنسبة إليها تحدثت متسائلة بحدة
يعني ايه في ايه.. تقصد ايه بسؤالك ده
أبعد نظره عنها شاعرا أنه قد تمادى في حديثه وذلك السؤال الذي يشير إلى شيء واحد ذهب تاركا إياها خلفه وتحدث وهو يتجه إلى الباب ليذهب إلى الأسفل
خليكي هنا هجبلك الكتب منه ماينفعش تقابليه دلوقتي الناس رايحه وجاية في الشارع
جلست على المقعد بعد أن تركها وذهب تفكر في هذا الوضع الذي وضعت نفسها به لماذا جعلته يقوم بتوصيلها من الأساس هي لا تفعل ذلك أبدا والآن أتى إلى المنزل أمام الحارة بأكملها..
لو لم يكن جاد يحضر ذلك الموقف ماذا كانت ستفعل. كان من المستحيل أن تخرج له وشقيقها في المنزل فهو يقف على حافة الانتظار ليجعلها تفعل ما يريده ويلقي بها في وادي به ذئب واحد ېقتلها في غمضة عين..
اتفضلي
رأت الكتب على الطاولة
أمامها بعد أن ألقاها جاد أمامها بقوة رفعت عينيها
متابعة القراءة