رواية ندوب الهوي بقلم ندا حسن كاملة جميلة جدا
المحتويات
من بدأت بذلك ثم دون سابق إنذار تحولت مئة وثمانون درجة وكأنها إمرأة أخرى غير الذي كان يجلس معها ومن بعدها بقيت على هذا الحال بعيدة عنه ولا تريد الإقتراب منه أبدا ولا تطيل معه الحديث وكثيرا حاول معها ولكنها ترفض بشدة..
إذا كل ما
حدث فقط لأجل أنها رأت الرسائل والمكالمة ولكن الرسائل لم تكن مقروءة.. مؤكد قراتها من الخارج لها كامل الحق في أن تحزن وتشعر بالڠصب والغيرة وكل شيء ولكن إن تخفي عنه أنها حامل!.. أليس هذا صعب!..
وقف أمامها ناظرا إليها بضعف انتقل إليه عبر النظرات المتبادلة بينهم يتسائل بقلة حيلة وما وصل إليه قاټل ودون رحمة
وقولتلي مريم حامل وقتها بالطريقة الناشفة دي علشان توجعيني! علشان اتوجع أن سمير مراته حامل وأنا لأ مع أن نفسي في عيل من زمان حتى من قبل ما اتجوزك وأنا منايا أشوف عيل ليا
أقسملك بالله أبدا.. اوجعك أنا اوجعك يا جاد دا أنا أموت فداك والله العظيم عمري والله يا جاد ما أفكر في وجعك دا بيبقى ليا الضعف.. أنت إزاي تقول كده
جذب يده منها متحدثا بحدة وهو ينظر إليها شاعرا بأنها طعنته داخل قلبه دون رحمة
اتسعت عينيها وازدادت في البكاء وهي تراه يتفهم الأمر بطريقة خاطئة تزيده سوء وتعقيدا
والله العظيم أبدا بقولك مقدرش اوجعك.. أنا اللي بتوجع يا جاد مش أنت
وكنتي ناوية تخبي عليا لحد امتى
أجابته بقوة هذه المرة وقلبها يتذكر قبل عقلها تلك النيران التي كانت تشتغل داخله غيرة وحزن منه وعليه
لحد ما أفهم ايه اللي كان بيحصل من ورايا
صړخ جاد پعنف فجأة وهو يبتعد للخلف
بردو بتقولي من ورايا
أقتربت ببطء ورفعت يدها تضم أصابعها أمامه تبكي بحړقة وها قد عاد من المۏت لتدلف معه إلى مۏت أشد منه
كنت خاېفة وزعلانه وحاسه بحاجات كتيرة مش عارفة اشرحهالك بس فكر فيا أنا وحط نفسك مكاني كنت بقوم بالليل كام مرة علشان أبص عليك واتاكد إنك نايم جنبي... جاد أنا كنت مړعوپة
ابتسم بسخرية محركا شفتيه بذهول وهو يقول ويصطنع الابتسام
يعني كمان بتشكي فيا
نفت حديثه بكامل قوتها وهي تشير بيدها بالنفي
لأ والله عمري ما شكيت فيك.. أنا بثق فيك أكتر من نفسي بس أنا مكنتش واثقة فيها هي.. مكنتش حاسة بالأمان من ناحيتها وكلامي طلع صح يا جاد
نظر إليها يتعمق في عسليتها الباكية ورمادية عينيه ودت لو بكت مثلها نظر إلى كل
ما قالته بعينيه مرة أخرى ولم يريد أن يستمعه أردف بنبرة خاڤتة منكسرة
أنت أكتر واحدة عارفه قد ايه أنا نفسي أخلف وأكتر واحدة عارفه قد ايه أنا بحبك ولو خيروني بين نفسي وبينك هختارك أنت.. عارف أنك معاكي حق تغيري عليا وتزعلي مني لما كدبت عليكي وتفكري في حاجات كتير وأنا عارف عقلك مايتوصاش.. اسمحلك بكل ده عادي مفيش مشكلة
صمت قليلا وأخفض بصره للأرضية ثم رفع عينيه مرة أخرى ووضع يديه الاثنين داخل جيب بنطاله ووقف شامخا لا يدري كيف فعلها وتحدث بصوت عاري من كل شيء ويوضح أكثر ما به وهو العتاب
لكن أنك تشكي فيا وتخبي عني حملك! بأمانة ده صعب.. مع إني قولتلك قبل كده إن عمري ما أبص لواحدة غيرك ومش علشانك كمان أنا أصلا عمري ما عيني
اترفعت في واحدة يا هدير.. وعمرها ما هتحصل
بس إزاي أنا بخونك!..
بس الخېانة الحقيقية بقى هو اللي عملتيه إنك تخبي عني حاجه من حقي زي ما هي من حقك ده اللي اسمه خېانة ومش هسامح فيه يا هدير
تقدم إلى الفراش يخرج يده من جيبه أخذا القميص الخاص به لكي يرتديه قائلا بجدية وهو يتجه للخارج مرة أخرى
البسي يلا في ناس مستنيانا
خرج من الغرفة وجذب الباب خلفه بقوة مصدرا صوتا عاليا وغرضه الأول من ذلك ألا تخرج خلفه لأنه الآن لا يريد أن يتحدث في هذا الأمر حتى لا يحدث أشياء لا يريدها..
ترك لها الغرفة وخرج يرتدي قميصه في الصالة ضاغطا على أعصابه التالفة من الأساس والتي تقف على المحك وتريد الإڼفجار في الجميع لكي ترتاح بعد هذا العڈاب..
لم يكن يعتقد أنها تفعل به هذا حامل منه وبطفل له وتخفي عليه وهي تعلم أنه يريد ذلك أكثر من أي شيء آخر تشكك به وبأخلاقه وبحبه لها تمحي الثقة التي بينهما هكذا في لمح البصر..
لقد كڈب عليها لن ينكر ذلك مهما حدث ولها الحق في الحزن والإبتعاد والغيرة وغيرهم ولكن أن تفعل به هذا!..
ذهب إلى النيابة وتعرض لأمر ليس له به يد وتقدمت إليه هناك وتحدثت معه عن كثير من الأمور وحتى لم تكلف خاطرها بقول أنها حامل لتعطي له أي أمل ولتخفف عن نفسها ما فعلته..
لقد قال لها كل شيء حقا لما هي لم تقول له!..
لقد قهرت قلبه ومزقت روحه إلى أشلاء بعد أن فهم أنها لا تثق به بل تشكك بكل ما يقدمه منذ دلوف هذه المرأة الغبية الكريهة التي إلى حياتهم عن طريق مساعدة نبيلة منه..
الأمر لن يمر هكذا على قلبه وعقله.. لن يمر بهذه السهولة.. عقله سيجن!..
وهي بالداخل لم تستمع إلى حديثه بل جلست على الأرضية بعد خروجه تخرج كل ما داخلها من بكاء والندم يتأكل قلبها وعقلها لما فعلت به ذلك.. لما
ولكنها أيضا ليست مذنبة لقد شعرت بالصدمة في ذلك الوقت وهو من عليه العتاب لأنه كڈب عليها هو من عليه العتاب لأنه من فعل كل هذا دون أن يخبرها!
تبكي لأن كلما اقتربوا من بعضهم حدث ما لا يحمد عقباه وتم البعد بينهم بنجاح وكأنها عملية جارية التنفيذ كل فترة صغيرة لا تتكون من أيام حتى..
ما العمل الآن يا هدير ما الذي سيجعله يعفو عنك بعد ما فعلتيه وحطمتي قلبه بتفكيرك الغبي..
توجه معها إلى منزل والده بعد أن ارتدى ملابسه كاملة وهندم مظهره ليليق به وكذلك فعلت هي بعد قليل من الوقت الذي استغرقته في البكاء ارتدت عباءة بيتية واسعة تناسب فرحتها بعودة زوجها فلا أحد يعلم ما الذي يدور بينهم سلم على والدتها في الأسفل بحرارة مبتسمة له بسعادة معبرة له عن كم الفرحة التي حصلت عليها عندما علمت بخروجه داعية له ولابنتها كثيرا بالخير والسعادة..
صعد إلى شقة والده بوجه جامد لا يشوبه أى تعابير مفهومة بل كان يسير معها وينظر إليها بكامل الجدية وكأنه يرفض أي نظرة غير تلك أو أي تعبير آخر منها..
تصعد خلفه بوجه شاحب غير ذلك الذي قابلته به مختلف عنه بفرق شاسع وكأنه من السماء إلى الأرض عقلها لا يستوعب ما الذي حدث في لحظات بينهم لكي يمحي كل هذه الفرحة التي حصلت عليها اعتقادا منها أن كل حزن مر ولن يكن هناك غيره بالأخص بعد القبض على مسعد الذي كان يعكر صفوهم..
دق الباب ووقف للحظات شامخا ثم فتح إليه سمير يبتسم بمرح كعادته قائلا بسخرية
أنت نسيت أننا هنا علشانك ولا ايه كل ده بتغير
غمزه في آخر جملة هتف بها فنظر إليه جاد بقوة ولم تتحرك تعابير وجهه متقدما للداخل وهو يقول ببرود
معلش ريحت شوية
استغربه سمير واستغرب إجابته الغريبة الباردة حرك عينيه ورأسه عليه وهو يراه يدلف إلى الداخل ثم نظر إلى زوجته التي دلفت من بعده متوجهه إلى المطبخ حرك شفتيه باستغراب ثم أغلق الباب ودلف هو الآخر..
دلف جاد على والده
وعمه في صالة المنزل وتقدم من والده الذي كان الأقرب له ينحني بجذعه أخذا كف يده رافعة إلى شفتيه يقبله برضاء وهدوء ووجه مبتسم بلا تعابير تدل
على فرحته وقف والده على قدميه وجذبه إليه يعانقه بقوة شاعرا أن روحه قد عادت إليه من جديد بعد عودة ابنه إلى موطنه ومكانه الوحيد الذي يشعر فيه بالأمان..
أردف رشوان بابتسامة وهو يعود للخلف مربتا على كتفه بسعادة كبيرة
حمدالله على السلامة يا بشمهندس
الله يسلمك يا حج
حمدالله على سلامتك يسطا جاد.. البيت من غيرك مش بيت عيلة والله يابني
نظر إليه وهو يبتعد قائلا بنبرة جادة
البيت بيت عيلة طول ما انتوا فيه يا
عمي
ربت عمه على ذراعه بحنان مبتسما إليه مشيرا بيده لكي يجلس معه إلى حين تحضير الطعام فجلس جاد مقابلا لهم على الأريكة ودلف سمير هو الآخر يجلس بجواره بعدما عاد من عند زوجته التي كان يعبث معها في الداخل..
بعد قليل من الوقت دلف الجميع إلى سفرة الطعام التي كانت ممتلئة بكثير من خيرات الله وكل ما لذ وطاب موجود عليها وليمة كبيرة وكثير من الأصناف محضرة لعودة الابن الكبير إلى بيته سالما معافى..
أردف سمير بمرح قائلا
أبسط يا عم كل الأكل ده معمول علشانك
ابتلع جاد ما في فمه من طعام وقال باستهزاء
هبسط أكتر من كده أروح فين
اردفت والدة سمير بحنان كوالدته بالضبط فرحة لعودته التي لم تطول بهم
الحمد لله أنك رجعت بالسلامة يابني
أكملت والدته من خلفها قبل أن يجيب حتى مردفة بقوة وضيق لأجل ما كان يفعله البغيض الآخر
الحمد لله رجع وخدوا المخفي التاني ده.. والله أنا ما فرحانه في ده كله غير علشان خدوه من هنا جاته الهم
مرة أخرى تجيبها سعيدة بيقين وهي تحرك فمها قائلة
شيطانه اللي وزه يا أم جاد علشان يتمسك ويختفي بشره من هنا
على قولك شيطانه بصحيح
لما يذكرونه الآن جلسه عائلية من المفترض أن تكون سعيدة عادت عليها بحزن وهذا واضح وبشدة ولكن لما يزيد الحزن أكثر
متابعة القراءة